الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

أخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يدخل المسجد الحرام مشرك بعد عامي هذا أبداً إلا أهل العهد وخدمكم ".

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه في قوله { إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } إلا أن يكون عبداً أو أحداً من أهل الذمة.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله { إنما المشركون نجس } أي أخباث { فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } وهو العام الذي حج فيه أبو بكر رضي الله عنه. نادى علي رضي الله عنه بالأذان، وذلك لتسع سنين من الهجرة، وحج رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام المقبل حجة الوداع لم يحج قبلها ولا بعدها منذ هاجر، فلما نفى الله تعالى المشركين عن المسجد الحرام شق ذلك على المسلمين، فأنزل الله { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله } فأغناهم الله تعالى بهذا الخراج: الجزية الجارية عليهم يأخذونها شهراً شهراً وعاماً عاماً، فليس لأحد من المشركين أن يقرب المسجد الحرام بعد عامهم ذلك إلا صاحب الجزية أو عبد رجل من المسلمين.

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان المشركون يجيئون إلى البيت ويجيئون معهم بالطعام يَتَّجِرون فيه، فلما نهوا عن أن يأتوا البيت قال المسلمون: فمن أين لنا الطعام؟ فأنزل الله { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء } قال: فأنزل الله عليهم المطر وكثر خيرهم حين ذهب المشركون عنهم.

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: لما نزلت { إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } شق على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: من يأتينا بطعامنا وبالمتاع؟ فنزلت { وإن خفتم عيلة... } الآية.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نفى الله تعالى المشركين عن المسجد الحرام ألقى الشيطان في قلوب المؤمنين فقال: من أين تأكلون وقد نفى المشركون وانقطعت عنكم العير؟ قال الله تعالى { وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء } فأمرهم بقتال أهل الكفر وأغناهم من فضله.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال: قال المؤمنون: قد كنا نصيب من متاجر المشركين. فوعدهم الله تعالى أن يغنيهم من فضله عوضاً لهم بأن لا يقربوا المسجد الحرام، فهذه الآية من أول براءة في القراءة وفي آخرها التأويل.

السابقالتالي
2