الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ } * { ثُمَّ أَنَزلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَذٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ } * { ثُمَّ يَتُوبُ ٱللَّهُ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

أخرج الفريابي عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { لقد نصركم الله في مواطن كثيرة } قال: هي أول ما أنزل الله تعالى من سورة براءة.

وأخرج ابن أبي شيبة وسنيد وابن حرب وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال أول ما نزل من براءة { لقد نصركم الله في مواطن كثيرة } يعرفهم نصره ويوطنهم لغزوة تبوك.

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله { لقد نصركم الله في مواطن كثيرة } قال: هذا مما يمن الله به عليهم من نصره إياهم في مواطن كثيرة.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال { حنين } ماء بين مكة والطائف، قاتل النبي صلى الله عليه وسلم هوازن وثقيف، وعلى هوازن مالك بن عوف، وعلى ثقيف عبد ياليل بن عمرو الثقفي.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام عام الفتح نصف شهر، ولم يزد على ذلك حتى جاءته هوازن وثقيف فنزلوا بحنين، وحنين واد إلى جنب ذي المجاز ".

وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال " لما اجتمع أهل مكة وأهل المدينة قالوا: الآن والله نقاتل حين اجتمعنا، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قالوا وما أعجبهم من كثرتهم، فالتقوا فهزمهم الله حتى ما يقوم منهم أحد على أحد، حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي أحياء العرب إليَّ فوالله ما يعرج إليه أحد حتى أعرى موضعه، فالتفت إلى الأنصار وهم ناحية ناحية فناداهم: يا أنصار الله وأنصار رسوله إلى عباد الله أنا رسول الله، فعطفوا وقالوا: يا رسول الله ورب الكعبة إليك والله، فنكسوا رؤوسهم يبكون وقدموا أسيافهم يضربون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى فتح الله عليهم ".

وأخرج البيهقي في الدلائل عن الربيع رضي الله عنه " أن رجلاً قال يوم حنين: لن نغلب من قلة. فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله عز وجل { ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم } قال الربيع: وكانوا اثني عشر ألفاً، منهم ألفان من أهل مكة ".

وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد البغوي في معجمه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي عبد الرحمن الفهري رضي الله عنه قال: " كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنين، فسرنا في يوم قائظ شديد الحر فنزلنا تحت ظلال الشجر، فلما زالت الشمس لبست لامتي وركبت فرسي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، قد حان الرواح يا رسول الله. قال " أجل، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال...فثار من تحت سمرة كان ظله ظل طائر فقال: لبيك وسعديك وأنا فداؤك. ثم قال: أسرج لي فرسي. فأتاه بدفتين من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر قال: فركب فرسه ثم سرنا يومنا فلقينا العدوّ وتشامت الخيلان فقاتلناهم، فولى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله، فاقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرسه، وحدثني من كان أقرب إليه مني: أنه أخذ حفنة من تراب فحثاها في وجوه القوم وقال: شاهت الوجوه...! قال يعلى بن عطاء رضي الله عنه: فأخبرنا أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا: ما بقي منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه من التراب، وسمعنا صلصلة من السماء كمر الحديد على الطست الحديد، فهزمهم الله عز وجل " ".


السابقالتالي
2 3 4 5 6