الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُمْ مُّؤُمِنِينَ } * { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ } * { وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم } قال: قتال قريش حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم وهمهم باخراج الرسول، زعموا أن ذلك عام عمرة النبي صلى الله عليه وسلم في العام السابع للحديبية، وجعلوا في أنفسهم إذا دخلوا مكة أن يخرجوه منها فذلك همهم باخراجه، فلم تتابعهم خزاعة على ذلك، فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قالت قريش لخزاعة: عميتمونا عن اخراجه؟ فقاتلوهم فقتلوا منهم رجالاً.

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال: نزلت في خزاعة { قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين } من خزاعة.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { ويشف صدور قوم مؤمنين } قال: خزاعة حلفاء رسول صلى الله عليه وسلم.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله { ويشف صدور قوم مؤمنين } قال: هم خزاعة يشفي صدورهم من بني بكر { ويذهب غيظ قلوبهم } قال: هذا حين قتلهم بنو بكر وأعانهم قريش.

وأخرج أبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه { ويذهب غيظ قلوبهم } قال: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في خزاعة حين جعلوا يقتلون بني بكر بمكة.

وأخرج ابن اسحق والبيهقي في الدلائل عن مروان بن الحكم والمسور بن خرمة قالا " كان في صلح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية بينه وبين قريش: إن من شاء أن يدخل في عقد النبي صلى الله عليه وسلم وعهده دخل فيه، ومن شاء أن يدخل في عهد قريش وعقدهم دخل فيه، فتواثبت خزاعة فقالوا: ندخل في عقد محمد وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: ندخل في عقد قريش وعهدهم، فمكثوا في تلك الهدنة نحو السبعة عشر أو الثمانية عشر شهراً، ثم إن بني بكر الذي كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم وثبوا على خزاعة الذين دخلوا في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده ليلاً بماء لهم يقال له الوتير قريب من مكة، فقالت قريش: ما يعلم بنا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الليل وما يرانا أحد، فاعانوهم عليهم بالكراع والسلاح فقاتلوهم معهم للضغن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وركب عمرو بن سالم عندما كان من أمر خزاعة وبني بكر بالوتير حتى قدم المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبيات أنشده اياها: "
اللهمَّ إني ناشد محمداً   حلف أبينا وأبيه إلا تلدا
كنا والداً وكنت ولداً   ثَمَّتَ أسلمنا ولم ننزع يدا
فانصر رسول الله نصراً عندا   وادعُ عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجردا   إن شئتم حسنا فوجهه بدر بدا
في فيلق كالبحر يجري مزبدا   ان قريشاً اخلفوك موعدا
ونقضوا ميثاقك المؤكدا   وزعموا أن ليس تدعو احدا
فهم أذل وأقل عددا   قد جعلوا لي بكداء رصدا
هم بيَّتونا بالهجير هجدا   وقتلونا ركَّعا وسجَّدا

السابقالتالي
2