الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَاداً لِّمَنْ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ ٱلْحُسْنَىٰ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله { والذين اتخذوا مسجداً ضراراً } قال: هم أناس من الأنصار ابتنوا مسجداً فقال لهم أبو عامر: ابنوا مسجدكم واستمدوا بما استطعتم من قوة وسلاح، فإني ذاهب إلى قيصر ملك الروم فآتي بجنده من الروم فأخرج محمداً وأصحابه. فلما فرغوا من مسجدهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: قد فرغنا من بناء مسجدنا فنحب أن تصلي فيه وتدعو بالبركة. فأنزل الله { لا تقم فيه أبداً }.

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: " لما بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد قباء خرج رجال من الأنصار منهم يخدج جد عبدالله بن حنيف، ووديعة بن حزام، ومجمع بن جارية الأنصاري، فبنوا مسجد النفاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخدج " ويلك يا يخدج...! ما أردت إلى ما أرى؟ قال: يا رسول الله، والله ما أردت إلا الحسنى - وهو كاذب - فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد أن يعذره، فأنزل الله { والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله } يعني رجلاً يقال له أبو عامر، كان محارباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد انطلق إلى هرقل وكانوا يرصدون إذا قدم أبو عامر أن يصلي فيه، وكان قد خرج من المدينة محارباً لله ولرسوله ".

وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال " ذكر أن بني عمرو بن عوف ابتنوا مسجداً، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم فيصلي في مسجدهم، فأتاهم فصلى فيه، فلما رأوا ذلك اخوتهم بنو غنم بن عوف حسدوهم، فقالوا: نبني نحن أيضاً مسجداً كما بنى اخواننا فنرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي فيه، ولعل أبا عامر أن يمر بنا فيصلي فيه. فبنوا مسجداً فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم فيصلي في مسجدهم كما صلى في مسجد اخوتهم، فلما جاء الرسول قام ليأتيهم أو همَّ ليأتيهم، فأنزل الله { والذين اتخذوا مسجداً ضراراً } إلى قوله { لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم } إلى آخر الآية ".

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { والذين اتخذوا مسجداً } قال: المنافقون. وفي قوله { وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله } قال: لأبي عامر الراهب.

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { والذين اتخذوا مسجداً ضراراً } قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم بنى مسجداً بقباء فعارضه المنافقون بآخر، ثم بعثوا إليه ليصلي فيه فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك.

السابقالتالي
2 3 4