الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي ٱلأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

أخرج الحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ { أن يكون له أسرى } ".

وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال: " استشار النبي صلى الله عليه وسلم الناس في الأسارى يوم بدر فقال: إن الله أمكنكم منهم، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، اضرب أعناقهم؟ فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " يا أيها الناس إن الله قد أمكنكم منهم وإنما هم إخوانكم بالأمس. فقام عمر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، اضرب أعناقهم؟ فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم، ثم عاد فقال مثل ذلك، فقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، نرى أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء. فعفا عنهم وقبل منهم الفداء، فنزل { لولا كتاب من الله سبق } [الأنفال: 68] الآية ".

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه في الآية قال " استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، قد أعطاك الظفر ونصرك عليهم ففادهم، فيكون عوناً لأصحابك، واستشار عمر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، أضرب أعناقهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رحمكما الله...!ما أشبهكما باثنين مضيا قبلكما: نوح وإبراهيم، أما نوح فقال { رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا } [نوح: 26] وأما إبراهيم فإنه يقول { فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم } [إبراهيم: 36] ".

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " لما كان يوم بدر جيء بالأسارى فقال أبو بكر رضي الله عنه: يا رسول الله، قومك وأهلك استبقهم لعل الله أن يتوب عليهم. وقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله، كذبوك وأخرجوك وقاتلوك قدمهم فأضرب أعناقهم. وقال عبدالله بن رواحة رضي الله عنه: أنظروا وادياً كثير الحطب فاضرمه عليهم ناراً. فقال العباس رضي الله عنه وهو يسمع ما يقول: قطعت رحمك. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرد عليهم شيئاً فقال أناس: يأخذ بقول أبي بكر رضي الله عنه؟ وقال أناس: يأخذ بقول عمر رضي الله عنه؟ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله ليلين قلوب رجال حتى تكون ألين من اللبن، وإن الله ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة، مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم عليه السلام قال { فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم } [إبراهيم: 36] ومثلك يا أبا بكر مثل عيسى عليه السلام قال { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } ومثلك يا عمر كمثل نوح عليه السلام إذ قال { رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً } [نوح: 26] ومثلك يا عمر كمثل موسى عليه السلام إذ قال { ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم } [يونس: 88] أنتم عالة، فلا ينفلتن منهم أحد إلا بفداء أو ضرب عنق. فقال عبدالله رضي الله عنه: يا رسول الله، الا سهيل بن بيضاء فإني سمعته يذكر الإِسلام، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيتني في يوم أخوف من أن تقع عليّ الحجارة مني في ذلك اليوم، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلا سهيل بن بيضاء، فأنزل الله تعالى { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } إلى آخر الآيتين ".


السابقالتالي
2 3 4 5 6 7