الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } * { يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ }

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي أيوب الأنصاري قال: " قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالمدينة وبلغه أن عير أبي سفيان قد أقبلت فقال " ما ترون فيها لعل الله يغنمناها ويسلمنا، فخرجنا فلما سرنا يوماً أو يومين أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتعادّ ففعلنا، فإذا نحن ثلثمائة وثلاثة عشر رجلاً، فأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بعدّتنا، فسر بذلك وحمد الله وقال: عدة أصحاب طالوت. فقال: ما ترون في القوم فانهم قد أخبروا بمخرجكم؟ فقلنا: يا رسول الله لا والله ما لنا طاقة بقتال القوم إنما خرجنا للعير، ثم قال: ما ترون في قتال القوم؟ فقلنا مثل ذلك، فقال المقداد: لا تقولوا كما قال أصحاب موسى لموسى { اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون } [المائدة: 24] فأنزل الله { كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون } إلى قوله { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم } فلما وعدنا الله إحدى الطائفتين - اما القوم واما العير - طابت أنفسنا، ثم إنا اجتمعنا مع القوم فصففنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أنشدك وعدك. فقال ابن رواحة: يا رسول الله إني أريد أن أشير عليك - ورسول الله أفضل من أن نشير عليه - إن الله أجل وأعظم من أن تَنْشُدَهُ وعده. فقال: يا ابن رواحة لأنْشُدَنَّ اللهَ وعده فإن الله لا يخلف الميعاد، فأخذ قبضة من التراب فرمى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوه القوم فانهزموا، فأنزل الله { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } [الأنفال: 17] فقتلنا وأسرنا. فقال عمر: يا رسول الله ما أرى أن تكون لك اسرى، فانما نحن داعون مؤلفون؟ فقلنا معشر الأنصار: انما يحمل عمر على ما قال حسد لنا. فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ، ثم قال: ادعو إلي عمر فدعي له، فقال له: إن الله قد أنزل عليَّ { ما كان لنبي أن تكون له أسرى } [الأنفال: 56] الآية " ".

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن مردويه عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي عن أبيه عن جده قال " " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، حتى إذا كان بالروحاء خطب الناس فقال: كيف ترون؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله بلغنا انهم كذا وكذا، ثم خطب الناس فقال: كيف ترون؟ فقال عمر مثل قول أبي بكر، ثم خطب الناس فقال: كيف ترون؟ فقال سعد بن معاذ: يا رسول الله ايانا تريد...؟ فوالذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب ما سلكتها قط ولا لي بها علم ولئن سرت حتى تأتي برك الغماد من ذي يمن لَنَسيرَنَّ معك، ولا نكونَنَّ كالذين قالوا لموسى { فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون } [المائدة: 24] ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكم متبعون، ولعلك أن تكون خرجت لأمر وأحدث الله إليك غيره، فانظر الذي أحدث الله إليك فامض له، فصل حبال من شئت، واقطع حبال من شئت، وعاد من شئت، وسالم من شئت، وخذ من أموالنا ما شئت. فنزل القرآن على قول سعد { كما أخرجك ربك من بيتك بالحق } إلى قوله { ويقطع دابر الكافرين } وإنما رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غنيمة مع أبي سفيان فأحدث الله إليه القتال " ".


السابقالتالي
2