الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ }

أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: كانت قريش يعارضون النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف، يستهزءون ويصفرون ويصفقون، فنزلت { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية }.

وأخرج أبو الشيخ عن نبيط - وكان من الصحابة رضي الله عنه - في قوله { وما كان صلاتهم عند البيت... } الآية. قال: كانوا يطوفون بالبيت الحرام وهم يصفرون.

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والضياء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانوا يطوفون بالبيت عراة تصفر وتصفق، فأنزل الله { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية } قال: والمكاء الصفير، وإنما شبهوا بصفير الطير وتصدية التصفيق، وأنزل فيهمقل من حرم زينة الله } [الأعراف: 32] الآية.

وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما. أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله عز وجل { إلا مكاء وتصدية } قال: المكاء، صوت القنبرة. والتصدية، صوت العصافير وهو التصفيق. وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة وهو بمكة، كان يصلي قائماً بين الحجر والركن اليماني، فيجيء رجلان من بني سهم يقوم أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، ويصيح أحدهما كما يصيح المكاء، والآخر يصفق بيديه تصدية العصافير ليفسد عليه صلاته. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ ققال: نعم، أما سمعت حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه يقول:
نقوم إلى الصلاة إذا دعينا   وهمتك التصدي والمكاء
وقال آخر من الشعراء في التصدية:
حتى تنبهنا سحيراً   قبل تصدية العصافير
وأخرج ابن المنذر من طريق عطية عن ابن عباس رضي الله عنه قال: المكاء، الصفير. كان أحدهما يضع يده على الأخرى ثم يصفر.

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { إلا مكاء وتصدية } قال: المكاء الصفير، والتصدية التصفيق.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: المكاء الصفير، والتصدية التصفيق.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال: المكاء، إدخال أصابعهم في أفواههم. والتصدية، الصفير يخلطون بذلك كله على محمد صلى الله عليه وسلم صلاته.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال: المكاء، الصفير على نحو طير أبيض يقال له المكاء يكون بأرض الحجاز، والتصدية التصفيق.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله { إلا مكاء } قال: كانوا يشبكون أصابعهم ويصفرون فيهن { وتصدية } قال: صدهم الناس.

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال: كان المشركون يطوفون بالبيت على الشمال وهو قوله { وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية } فالمكاء، مثل نفخ البوق. والتصدية، طوافهم على الشمال.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله { فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } قال: يعني أهل بدر، عذبهم الله بالقتل والاسر.