الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ }

أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والخطيب عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك } قال: تشاورت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم: إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق - يريدون النبي صلى الله عليه وسلم - وقال بعضهم: بل اقتلوه، وقال بعضهم: بل أخرجوه. فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فبات علي رضي الله عنه على فراش النبي صلى الله عليه وسلم، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار، وبات المشركون يحرسون علياً رضي الله عنه يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوه علياً رضي الله عنه رد الله مكرهم فقالوا: أين صاحبك هذا؟ قال: لا أدري...! فاقتصوا أثره، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم فصعدوا في الجبل، فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا: لو دخل هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال.

وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم والبيهقي معاً في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما. أن نفراً من قريش ومن أشراف كل قبيلة اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة، واعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل، فلما رأوه قالوا: من أنت؟ قال: شيخ من أهل نجد، سمعت بما اجتمعتم له فأردت أن أحضركم ولن يعدمكم مني رأي ونصح. قالوا: أجل فادخل فدخل معهم فقال: انظروا في شأن هذا الرجل - فوالله - ليوشكن أن يواتيكم في أمركم بأمره. فقال قائل: احبسوه في وثاق ثم تربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء: زهير ونابغة، فإنما هو كأحدهم فقال عدوّ الله الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي، والله ليخرجن رائد من محبسه لأصحابه، فليوشكن أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم ثم يمنعوه منكم، فما آمن عليكم أن يخرجوكم من بلادكم فانظروا في غير هذا الرأي. فقال قائل: فأخرجوه من بين أظهركم فاستريحوا منه، فإنه إذا خرج لم يضركم ما صنع وأين وقع، وإذا غاب عنكم أذاه استرحتم منه فإنه إذا خرج لم يضركم ما صنع وكان أمره في غيركم. فقال الشيخ النجدي: لا والله ما هذا لكم برأي، ألم تروا حلاوة قوله، وطلاقة لسانه، وأخذه القلوب بما تستمع من حديث؟ والله لئن فعلتم ثم استعرض العرب لتجتمعن إليه، ثم ليسيرن إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم. قالوا: صدق - والله - فانظروا رأياً غير هذا. فقال أبو جهل: والله لأشيرن عليكم برأي ما أرى غيره.

السابقالتالي
2 3