الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } * { وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَٱصْبِرُواْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } * { قَدِ ٱفْتَرَيْنَا عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّعُودَ فِيهَآ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ } * { وَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَئِنِ ٱتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } * { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْباً كَانُواْ هُمُ ٱلْخَاسِرِينَ } * { فَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يٰقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَـٰلَـٰتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ ءَاسَىٰ عَلَىٰ قَوْمٍ كَٰفِرِينَ }

أخرج ابن عساكر من طريق إسحق بن بشر قال: أخبرني عبيد الله بن زياد بن سمعان عن بعض من قرأ الكتب قال: إن أهل التوراة يزعمون أن شعيباً اسمه في التوراة ميكائيل، واسمه بالسريانية جزى بن بشخر، وبالعبرانية شعيب بن بشخر بن لاوي بن يعقوب عليه السلام.

وأخرج ابن عساكر من طريق إسحق بن بشر عن الشرقي ابن القطامي وكان نسابة عالماً بالأنساب قال: هو ثيروب بالعبرانية، وشعيب بالعربية ابن عيفا بن يوبب بن إبراهيم عليه الصلاة والسلام. يوبب بوزن جعفر أوله مثناة تحتية وبعد الواو موحدتان.

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال: كان شعيب نبياً ورسولاً من بعد يوسف، وكان من خبره وخبر قومه ما ذكر الله في القرآن { وإلى مدين أخاهم شعيباً قال: يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } فكانوا مع ما كان فيهم من الشرك أهل بخس في مكايلهم وموازينهم مع كفرهم بربهم وتكذيبهم نبيهم ، وكانوا قوماً طغاة بغاة يجلسون على الطريق فيبخسون الناس أموالهم حتى يشترونه، وكان أوّل من سن ذلك هم، وكانوا إذا دخل عليهم الغريب يأخذون دراهمه ويقولون دراهمك هذه زيوف فيقطعونها ثم يشرونها منه بالبخس يعني بالنقصان، فذلك قوله { ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها } وكانت بلادهم بلاد ميرة يمتار الناس منهم، فكانوا يقعدون على الطريق فيصدون الناس عن شعيب يقولون: لا تسمعوا منه فإنه كذاب يفتنكم، فذلك قوله { ولا تقعدوا بكل صراط توعدون } الناس أن اتبعتم شعيباً فتنكم، ثم إنهم تواعدوه فقالوا: يا شعيب لنخرجنك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا أي إلى دين آبائنا، فقال عند ذلكوما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإِصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت } [هود: 88] وهو الذي يعصمنيوإليه أنيب } [هود: 88] يقول: إليه ارجع. ثم قال { أولو كنا كارهين } يقول: إلى الرجعة إلى دينكم إن رجعنا إلى دينكم { فقد افترينا على الله كذباً... وما يكون لنا } يقول: وما ينبغي لنا أن نعود فيها بعد إذ نجانا الله منها { إلا أن يشاء الله ربنا } فخاف العاقبة فرد المشيئة إلى الله تعالى فقال { إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما } ما ندري ما سبق لنا { عليه توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين } يعني الفاصلين قال ابن عباس: كان حليماً صادقاً وقوراً، وكان رسول الله صلى عليه وسلم إذا ذكر شعيباً يقول " ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه فيما دعاهم إليه، وفيما ردوا عليه وكذبوه وتواعدوه بالرجم والنفي من بلادهم "

السابقالتالي
2 3 4