الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ }

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { والبلد الطيب... } الآية. قال: هذا مثل ضربه الله للمؤمن يقول: هو طيب وعمله طيب، كما أن البلد الطيب ثمرها طيب، والذي خبث ضرب مثلاً للكافر كالبلد السبخة المالحة التي لا يخرج منها البركة، والكافر هو الخبيث وعمله خبيث.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله { والبلد الطيب... والذي خبث } قال: كل ذلك في الأرض السباخ وغيرها، مثل آدم وذريته فيهم طيب وخبيث.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { والبلد الطيب } قال: هذا مثل المؤمن سمع كتاب الله فوعاه وأخذ به، وعمل به، وانتفع به، كمثل هذه الأرض أصابها الغيث فأنبتت وأمرعت { والذي خبث } قال: هذا مثل الكافر لم يعقل القرآن، ولم يعمل به، ولم يأخذ به، ولم ينتفع به، فهو كمثل الأرض الخبيثة أصابها الغيث فلم تنبت شيئاً ولم تمرع.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي في الآية قال: هذا مثل ضربه للقلوب يقول: ينزل الماء فيخرج البلد الطيب نباته بإذن الله { والذي خبث } هي السبخة لا يخرج نباتها إلا نكداً، فكذلك القلوب لما نزل القرآن بقلب المؤمن آمن به وثبت الإِيمان في قلبه، وقلب الكافر لما دخله القرآن لم يتعلق منه بشيء ينفعه، ولم يثبت فيه من الإِيمان شيء إلا ما لا ينفعه ، كما لم يخرج هذا البلد إلا ما لم ينفع من النبات والنكد: الشيء القليل الذي لا ينفع.

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ { والبلد الطيب يخرج نباته } بنصب الياء ورفع الراء.

وأخرج ابن جرير عن مجاهد { والبلد الطيب... } الآية. قال الطيب ينفعه المطر فينبت { والذي خبث } السباخ لا ينفعه المطر { لا يخرج نباته إلا نكداً } هذا مثل ضربه الله لآدم وذريته كلهم، إنما خلقوا من نفس واحدة فمنهم من آمن بالله وكتابه فطاب، ومنهم من كفر بالله وكتابه فخبث.

وأخرج ابن جرير عن قتادة { والبلد الطيب } الآية. قال: هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن.

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم " مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير، أصاب أرضاً فكانت منها بقية قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأً، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ".