الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهَا وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } * { قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ }

أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن أنس قال " خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط، فقال رجل: من أبي؟ قال فلان، فنزلت هذه الآية { لا تسألوا عن أشياء } ".

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق قتادة عن أنس " في قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } أن الناس سألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة، فخرج ذات يوم حتى صعد المنبر فقال: لا تسألوني اليوم عن شيء إلا أنبأتكم به، فلما سمع ذلك القوم أرموا وظنوا أن ذلك بين يدي أمر قد حضر، فجعلت التفت عن يميني وشمالي، فإذا كل رجل لاف ثوبه برأسه يبكي، فأتاه رجل فقال: يا رسول الله، من أبي؟ قال: أبوك حذافة، وكان إذا لاحى يدعى إلى غير أبيه، فقال عمر بن الخطاب: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، ونعوذ بالله من سوء الفتن. قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما رأيت في الخير والشر كاليوم قط، إن الجنة والنار مثلتا لي حتى رأيتهما دون الحائط " قال قتادة: وإن الله يريه ما لا ترون، ويسمعه ما لا تسمعون. قال: وأنزل عليه { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء.. } الآية. قال قتادة: وفي قراءة أبي بن كعب " قد سألها قوم بينت لهم فأصبحوا بها كافرين ".

وأخرج البخاري وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان ناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء، فيقول الرجل: من أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتي؟ فأنزل الله فيهم هذه الآية { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء } حتى فرغ من الآية كلها.

وأخرج ابن جرير " عن ابن عون قال: سألت عكرمة مولى ابن عباس عن قوله { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } قال: ذاك يوم قام فيهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به، فقام رجل فكره المسلمون مقامه يومئذ، فقال: يا رسول الله، من أبي؟ قال: أبوك حذافة. فنزلت هذه الآية ".

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن طاوس قال " نزلت { لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } في رجل قال: يا رسول الله من أبي؟ قال: أبوك فلان ".

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي " في قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء... } الآية. قال: غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً من الأيام فقام خطيباً، فقال: سلوني فإنكم لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم به، فقام إليه رجل من قريش من بني سهم يقال له عبدالله بن حذافة - وكان يطعن فيه - فقال: يا رسول الله، من أبي؟ قال: أبوك فلان، فدعاه لأبيه، فقام إليه عمر فقبل رجله، وقال: يا رسول الله، رضينا بالله رباً، وبك نبياً، وبالقرآن إماماً، فاعف عنا عفا الله عنك، فلم يزل به حتى رضي، فيومئذ قال: الولد للفراش وللعاهر الحجر، وأنزل عليه { قد سألها قوم من قبلكم } ".


السابقالتالي
2 3 4 5 6