الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ }

أخرج ابن مردويه عن حفص بن أبي العاصي قال: كنا نتغدى مع عمر رضي الله عنه فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله في كتابه { ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم } الآية.

وأخرج سعيب بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه رأى في يد جابر بن عبد الله درهماً فقال: ما هذا الدرهم؟ قال: أريد أن أشتري به لحماً لأهلي قرموا إليه فقال: أفكلما اشتهيتم شيئاً اشتريتموه أين تذهب عنكم هذه الآية { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها }.

وأخرج أحمد في الزهد عن الأعمش قال: مر جابر بن عبد الله وهو متعلق لحماً على عمر رضي الله عنه فقال ما هذا يا جابر؟ قال: هذا لحم اشتهيته اشتريته. قال: وكلما اشتهيت شيئاً اشتريته؟ أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا }.

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن سالم بن عبد الله بن عمر أن عمر كان يقول: والله ما يعني بلذات العيش أن نأمر بصغار المعزى فتسمط لنا، ونأمر بلباب الحنطة فتخبز لنا، ونأمر بالزبيب فينبذ لنا في الاسعان حتى إذا صار مثل عين اليعقوب أكلنا هذا وشربنا هذا، ولكنا نريد أن نستبقي طيباتنا لأنا سمعنا الله يقول { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا } الآية.

وأخرج أبو نعيم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه قال: قدم على عمر رضي الله عنه ناسٌ من العراق فرأى كأنهم يأكلون هديراً فقال يا أهل العراق لو شئت أن يدهمق لي كما يدهمق لكم لفعلت ولكنا نستبقي من ربنا ما نجده في آخرتنا أما سمعتم الله يقول لقوم { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا } الآية.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها } قال: تعلموا أن أقواماً يسترطون حسناتهم في الدنيا استبقى رجل طيباته إن استطاع ولا قوّة إلا بالله. قال: وذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: لو شئت لكنت أطيبكم طعاماً وألينكم لباساً ولكني أستبقي طيباتي، وذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما قدم الشام صنع له طعاماً لم ير قبله مثله قال: هذا لنا فما لفقراء المسلمين الذين ماتوا وهم لا يشبعون من خبز الشعير؟ فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه: لهم الجنة. فاغرورقت عينا عمر رضي الله عنه فقال: لئن كان حظنا من هذا الحطام وذهبوا بالجنة لقد باينونا بوناً بعيداً.

السابقالتالي
2