الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ }

أخرج ابن المنذر وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإِيمان بسند صحيح، عن أبي هانىء الخولاني، قال: سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون: إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب الصفة { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض } وذلك أنهم قالوا: لو أن لنا فتمنوا الدنيا.

وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي، عن علي رضي الله عنه قال: إنما أنزلت هذه الآية، في أصحاب الصفة { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض } وذلك أنهم قالوا: لو أن لنا فتمنوا الدنيا.

وأخرج ابن جرير، عن قتادة في الآية قال: يقال خير الرزق ما لا يطغيك، ولا يلهيك. قال: " ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " أخوف ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وزخرفها " فقال له قائل: يا نبي الله، هل يأتي الخير بالشر؟ فأنزل الله عليه عند ذلك { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض } وكان إذا نزل عليه، كُرْبُ لذلك وتَرَبَّدَ وجهه، حتى إذا سري عنه. قال: " هل يأتي الخير بالشر "؟ يقولها ثلاثاً إن الخير لا يأتي إلا بالخير، ولكنه والله ما كان ربيع قط إلا أحبط أو ألم، فاما عبد أعطاه الله مالاً، فوضعه في سبيل الله، التي افترض وارتضى، فذلك عبد أريد به خير، وعزم له على الخير، وأما عبد أعطاه الله مالاً، فوضعه في شهواته ولذاته، وعدل عن حق الله عليه، فذلك عبد أريد به شر وعزم له على شر ".

وأخرج أحمد والطيالسي والبخاري ومسلم والنسائي وأبو يعلى وابن حبان، عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا وزينتها فقال له رجل: يا رسول الله، أو يأتي الخير بالشر؟ فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأينا أنه ينزل عليه، فقيل له: ما شأنك تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكلمك؟ فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل يمسح عنه الرحضاء، فقال: " أين السائل فرأينا أنه حمده فقال: إن الخير لا يأتي بالشر، وإن مما ينبت الربيع يقتل حبطاً، أو يلم الا آكلة الخضر، فإنها أكلت حتى امتلأت خاصرتاها، فاستقبلت عين الشمس، فثلطت وبالت، ثم رتعت وان المال حلوة خضرة ونعم صاحبها المسلم هو، ان وصل الرحم وأنفق في سبيل الله، ومثل الذي يأخذه بغير حقه، كمثل الذي يأكل ولا يشبع، ويكون عليه شهيداً يوم القيامة ".


السابقالتالي
2