الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { تَنزِيلٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ }

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت { حـمۤ } السجدة بمكة.

وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنه، مثله.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو يعلى والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل وابن عساكر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: " اجتمع قريش يوماً فقالوا: انظروا أعلمكم بالسحر، والكهانة، والشعر، فليأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا، وشتت أمرنا، وعاب ديننا، فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه؟ فقالوا: ما نعلم أحداً غير عتبة بن ربيعة قالوا: أنت يا أبا الوليد. فأتاه فقال: يا محمد أنت خير أم عبد الله. أنت خير أم عبد المطلب. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع لك، أما والله ما رأينا سلحة قط اشأم على قومه منك، فرقت جماعتنا، وشتت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب. حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحراً، وأن في قريش كاهناً، والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف.

يا أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلاً واحداً، وإن كان نما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوّجك عشراً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فرغت " قال: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم { حـمۤ، تنزيل من الرحمن الرحيم، كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون } حتى بلغ { فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عادٍ وثمود } فقال عتبة: حسبك..! ما عندك غير هذا؟ قال: لا. فرجع إلى قريش فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما تركت شيئاً أرى أنكم تكلمون به إلا كلمته قالوا: فهل أجابك؟ قال: والذي نصبها بنية ما فهمت شيئاً مما قال، غير أنه قال { أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود } قالوا: ويلك..! يكلمك الرجل بالعربية وما تدري ما قال؟ قال: لا. والله ما فهمت شيئاً مما قال غير ذكر الصاعقة ".

وأخرج ابن إسحاق وابن المنذر والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال: " حدثت أن عتبة بن ربيعة وكان أشد قريش حلماً. قال ذات يوم وهو جالس في نادي قريش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده في المسجد؛ يا معشر قريش ألا أقوم إلى هذا فأكلمه، فأعرض عليه أموراً لعله أن يقبل منها بعضه، ويكف عنا؟ قالوا: بلى يا أبا الوليد، فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث فيما قال له عتبة، وفيما عرض عليه من المال، والملك، وغير ذلك. حتى إذا فرغ عتبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أفرغت يا أبا الوليد "؟ قال: نعم. قال: " فاستمع مني قال افعل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم { حـمۤ، تنزيل من الرحمن الرحيم، كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً لقوم يعلمون } فلما سمعها عتبة انصت لها، وألقى يديه خلف ظهره معتمداً عليهما يستمع منه حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة، فسجد فيها ثم قال: سمعت يا أبا الوليد؟ قال: سمعت قال: أنت وذاك. فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به فلما جلس إليهم قالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: والله إني قد سمعت قولاً ما سمعت بمثله قط، والله ما هو بالشعر، ولا بالسحر، ولا بالكهانة. والله ليكونن لقوله الذي سمعت نبا ".


السابقالتالي
2 3 4