الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً }

أخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله { ويستفتونك في النساء... } الآية. قال كان أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر، ولا يورثون المرأة. فلما كان الإسلام قال { ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب } في أوّل السورة في الفرائض.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال: كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ أن يقوم في المال ويعمل فيه، ولا يرث الصغير ولا المرأة شيئاً، فلما نزلت المواريث في سورة النساء شق ذلك على الناس، وقالوا: أيرث الصغير الذي لا يقوم في المال، والمرأة التي هي كذلك، فيرثان كما يرث الرجل؟ فرجوا أن يأتي في ذلك حدث من السماء، فانتظروا فلما رأوا أنه لا يأتي حدث قالوا: لئن تم هذا إنه لواجب ما عنه بد، ثم قالوا: سلوا... فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله { ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب } في أول السورة، في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن. قال سعيد ابن جبير: وكان الولي إذا كانت المرأة ذات جمال ومال رغب فيها ونكحها واستأثر بها، وإذا لم تكن ذات جمال ومال أنكحها ولم ينكحها.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال: كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان شيئاً، كانوا يقولون: لا يغزون ولا يغنمون خيراً، ففرض الله لهن الميراث حقاً واجباً.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم في الآية قال: كانوا إذا كانت الجارية يتيمة دميمة لم يعطوها ميراثها، وحبسوها من التزويج حتى تموت فيرثوها، فأنزل الله هذا.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيرغب أن ينكحها ولا يعطيها مالها رجاء أن تموت فيرثها، وإن مات لها حميم لم تعط من الميراث شيئاً، وكان ذلك في الجاهلية، فبين الله لهم ذلك، وكانوا لا يورثون الصغير والضعيف شيئاً، فأمر الله أن يعطى نصيبه من الميراث.

وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال: كان جابر بن عبدالله له ابنة عم عمياء، وكانت دميمة، وكانت قد ورثت من أبيها مالاً، فكان جابر يرغب عن نكاحها ولا ينكحها رهبة أن يذهب الزوج بمالها، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وكان ناس في حجورهم جوار أيضاً مثل ذلك، فأنزل الله فيهم هذا.

وأخرج ابن أبي شيبة من طريق السدي عن أبي مالك في قوله { وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهم ما كتب لهم وترغبون أن تنكحوهن } قال: كانت المرأة إذا كانت عند ولي يرغب عن حسنها لم يتزوّجها ولم يترك أحداً يتزوّجها { والمستضعفين من الولدان } قال: كانوا لا يورثون إلا الأكبر فالأكبر.

السابقالتالي
2