الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّيْسَ بِأَمَـٰنِيِّكُمْ وَلاۤ أَمَانِيِّ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوۤءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }

أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: قالت العرب: لا نبعث ولا نحاسب، وقالت اليهود والنصارىلن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى } [البقرة: 111]. وقالوالن تمسنا النار إلا أياماً معدودة } [البقرة: 80] فأنزل الله { ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به }.

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مسروق قال: احتج المسلمون وأهل الكتاب فقال المسلمون: نحن أهدى منكم. وقال أهل الكتاب: نحن أهدى منكم. فأنزل الله { ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب } فانفلج عليهم المسلمون بهذه الآيةومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن... } [النساء: 124] الآية.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مسروق قال: تفاخر النصارى وأهل الإسلام فقال هؤلاء: نحن أفضل منكم. وقال هؤلاء: نحن أفضل منكم. فأنزل الله { ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب }.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال: ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا، فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أولى بالله منكم. وقال المسلمون: نحن أولى بالله منكم، ونبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله. فأنزل الله { ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب } إلى قوله { ومن أحسن ديناً } الآية. فأفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال: التقى ناس من المسلمين واليهود والنصارى فقالت اليهود للمسلمين: نحن خير منكم، ديننا قبل دينكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن على دين إبراهيم، ولن يدخل الجنة إلا من كان يهودياً. وقالت النصارى مثل ذلك. فقال المسلمون: كتابنا بعد كتابكم، ونبينا بعد نبيكم، وديننا بعد دينكم، وقد أمرتم أن تتبعونا وتتركوا أمركم فنحن خير منكم، نحن على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، ولن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا. فرد الله عليهم قولهم فقال { ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به } ثم فضل الله المؤمنين عليهم فقالومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفاً } [النساء: 125].

وأخرج ابن جرير من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك قال: تخاصم أهل الأديان فقال أهل التوراة: كتابنا أول كتاب وخيرها، ونبينا خير الأنبياء. وقال أهل الإنجيل نحواً من ذلك، وقال أهل الإسلام: لا دين إلا الإسلام، وكتابنا نسخ كل كتاب، ونبينا خاتم النبيين، وأمرنا أن نعمل بكتابنا ونؤمن بكتابكم، فقضى الله بينهم فقال { ليس بأمانيكم ولا أمانيِّ أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به } ثم خير بين أهل الأديان ففضل أهل الفضل فقال

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9