الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } * { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } * { وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَٱضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }

أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه { واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب } قال: ذهاب الأهل والمال والضر الذي أصابه في جسده. قال: ابتلى سبع سنين وأشهراً، فألقى على كناسة بني إسرائيل تختلف الدواب في جسده، ففرج الله عنه، وأعظم له الأجر، وأحسن.

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله { بنصب وعذاب } قال { بنصب } الضر في الجسد، { وعذاب } قال: في المال.

وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن الشيطان عرج إلى السماء قال: يا رب سلطني على أيوب عليه السلام قال الله: قد سلطتك على ماله وولده، ولم أسلطك على جسده. فنزل فجمع جنوده فقال لهم: قد سلطت على أيوب عليه السلام، فأروني سلطانكم، فصاروا نيراناً، ثم صاروا ماء، فبينما هم بالمشرق إذا هم بالمغرب، وبينما هم بالمغرب إذا هم بالمشرق، فأرسل طائفة منهم إلى زرعه، وطائفة إلى أهله، وطائفة إلى بقره، وطائفة إلى غنمه، وقال: إنه لا يعتصم منكم إلا بالمعروف. فأتوه بالمصائب بعضها على بعض. فجاء صاحب الزرع فقال: يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على زرعك عدوّاً، فذهب به. وجاء صاحب الإِبل فقال: يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على إبلك عدواً، فذهب بها؟ ثم جاءه صاحب البقر فقال: ألم تر إلى ربك أرسل على بقرك عدواً، فذهب بها؟ وتفرد هو ببنيه جمعهم في بيت أكبرهم.

فبينما هم يأكلون ويشربون اذهبت ريح، فأخذت بأركان البيت، فألقته عليهم، فجاء الشيطان إلى أيوب بصورة غلام فقال: يا أيوب ألم تر إلى ربك جمع بنيك في بيت أكبرهم؟ فبينما هم يأكلون ويشربون اذهبت ريح، فأخذت باركان البيت، فألقته عليهم، فلو رأيتهم حين اختلطت دماؤهم ولحومهم بطعامهم وشرابهم. فقال له أيوب: أنت الشيطان، ثم قال له أنا اليوم كيوم ولدتني أمي، فقام فحلق رأسه، وقام يصلي، فرن إبليس رنة سمع بها أهل السماء، وأهل الأرض، ثم خرج إلى السماء فقال: أي رب انه قد اعتصم، فسلطني عليه، فإني لا أستطيعه إلا بسلطانك قال: قد سلطتك على جسده، ولم أسلطك على قلبه.

فنزل فنفخ تحت قدمه نفخة قرح ما بين قدميه إلى قرنه، فصار قرحة واحدة، وألقي على الرماد حتى بدا حجاب قلبه، فكانت امرأته تسعى إليه حتى قالت له: أما ترى يا أيوب نزل بي والله من الجهد والفاقة ما أن بعت قروني برغيف. فأطعمك، فادع الله أن يشفيك ويريحك قال: ويحك..! كنا في النعيم سبعين عاماً، فأصبري حتى نكون في الضر سبعين عاماً، فكان في البلاء سبع سنين، ودعا فجاء جبريل عليه السلام يوماً، فأخذ بيده، ثم قال: قم.

السابقالتالي
2 3 4 5