الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ ٱلْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } * { إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِٱلْعَشِيِّ ٱلصَّافِنَاتُ ٱلْجِيَادُ } * { فَقَالَ إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ } * { رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِٱلسُّوقِ وَٱلأَعْنَاقِ }

أخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال: لما وهب الله لداود سليمان قال له: يا بني ما أحسن؟ قال: سكينة الله والإِيمان قال: فما أقبح؟ قال: كفر بعد إيمان قال: فما أحلى؟ قال: روح الله بين عباده قال: فما أبرد؟ قال: عفو الله عن الناس، وعفو الناس بعضهم عن بعض قال داود عليه السلام: فأنت نبي.

وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود عليه السلام. إني سائل ابنك عن سبع كلمات. فإن أخبرك فورِّثه العلمَ والنبوَّة فقال له داود عليه السلام: إن الله أوحى إليَّ أن أسألك عن سبع كلمات، فإن أخبرتني وَرَّثْتُكَ العلمَ والنبوَّة قال: سلني عما شئت قال: أخبرني ما أحلى من العسل، وما أبرد من الثلج، وما الين شيئاً من الخز، وما لا يرى أثره في الماء، وما لا يرى أثره في الصفاء، وما لا يرى أثره في السماء، ومن يسمن في الخصب والجدب. قال: أما ما أحلى من العسل فروح الله للمتحابين في الله. واما ما أبرد من الثلج فكلام الله إذا قرع أفئدة أولياء الله. وأما ما الين شيئاً من الخز فحكمة الله تعالى إذا أنشدها أولياء الله بينهم. وأما ما لا يرى أثره في الماء فالفلك تمر فلا يرى أثرها. وأما ما لا يرى أثره في الصفاء فالنملة تمر على الحجر فلا يرى أثرها. وأما ما لا يرى أثره في السماء فالطير يطير ولا يرى أثره في السماء وأما من يسمن في الجدب والخصب فهو المؤمن إذا أعطاه الله شكر، وإذا ابتلاه صبر، فقلبه أجرد أزهر.

قال: انظر إلى ابنك فاسأله عن أربع عشرة كلمة، فإن أخبرك فورثه العلم والنبوّة، فسأله فقال: ما لي من ذي علم فقال داود لسليمان عليه السلام: أخبرني يا بني أين موضع العقل منك؟ قال: الدماغ قال: أين موضع الحياء منك؟ قال: العينان قال: أين موضع الباطل منك؟ قال: الأذنان قال: أين باب الخطايا منك؟ قال: اللسان قال: أين الطريق منك؟ قال: المنخران قال: أين موضع الأدب والبيان منك؟ قال: الكلوتان قال: أين باب الفظاظة والغلظة منك؟ قال: الكبد قال: أين بيت الريح منك؟ قال: الرئة قال: أين باب الفرح منك؟ قال: الطحال قال: أين باب الكسب منك؟ قال: اليدان قال: أين باب النصب منك؟ قال: الرجلان قال: أين باب الشهوة منك؟ قال: الفرج قال: أين باب الذرية منك؟ قال: الصلب قال: أين باب العلم والفهم والحكمة منك؟ قال: القلب. إذا صلح القلب صلح ذلك كله، وإذا فسد القلب فسد ذلك كله.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه { ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب } قال: كان مطيعاً لله، كثير الصلاة { إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد } قال: يعني الخيل وصفونها قيامها وبسطها قوائمها { قال إني أحببت حب الخير } أي المال { عن ذكر ربي } عن صلاة العصر { حتى توارت بالحجاب }.

السابقالتالي
2 3