الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } * { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } * { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ } * { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } * { لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ } * { وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ } * { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } * { فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ }

أخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر عن طاوس في قوله { وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون } قال: قيل ليونس عليه السلام إن قومك يأتيهم العذاب يوم كذا وكذا.. فلما كان يومئذ، خرج يونس عليه السلام، ففقده قومه، فخرجوا بالصغير، والكبير، والدواب، وكل شيء. ثم عزلوا الوالدة عن ولدها، والشاة عن ولدها، والناقة والبقرة عن ولدها، فسمعت لهم عجيجاً، فأتاهم العذاب حتى نظروا إليه، ثم صرف عنهم. فلما لم يصبهم العذاب، ذهب يونس عليه السلام مغاضباً، فركب في البحر في سفينة مع أناس، حتى إذا كانوا حيث شاء الله تعالى، ركدت السفينة، فلم تسر فقال صاحب السفينة: ما يمنعنا أن نسير إلا أن فيكم رجلاً مشؤوماً قال: فاقترعوا ليلقوا أحدهم، فخرجت القرعة على يونس، فقالوا: ما كنا لنفعل بك هذا. ثم اقترعوا أيضاً، فخرجت القرعة عليه ثلاثاً، فرمى بنفسه، فالتقمه الحوت قال طاوس: بلغني أنه لما نبذه الحوت بالعراء وهو سقيم، نبتت عليه شجرة من يقطين واليقطين الدباء، فمكث حتى إذا رجعت إليه نفسه يبست الشجرة، فبكى يونس عليه السلام حزناً عليها، فأوحى الله إليه: أتبكي على هلاك شجرة ولا تبكي على هلاك مائة ألف؟.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لما بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل قريته، فردوا عليه ما جاءهم به، فامتنعوا منه، فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليه: إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا.. فأخرج من بين أظهرهم، فاعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم، فقالوا: ارمقوه فإن هو خرج من بين أظهركم فهو والله كائن ما وعدكم. فلما كانت الليلة التي وعدوا العذاب في صبيحتها، أدلج فرآه القوم، فحذروا فخرجوا من القرية إلى براز من أرضهم، وفرقوا بين كل دابة وولدها. ثم عجوا إلى الله، وأنابوا واستقالوا، فأقالهم وانتظر يونس عليه الخبر عن القرية وأهلها. حتى مر مار فقال: ما فعل أهل القرية؟ قال: فعلوا أن نبيهم لما خرج من بين أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب، فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض، ثم فرقوا بين كل ذات ولد وولدها، ثم عجوا إلى الله، وتابوا إليه فقبل منهم، وأخر عنهم العذاب. فقال يونس عليه السلام عند ذلك: لا أرجع إليهم كذاباً أبداً، ومضى على وجهه.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبدالله بن الحارث قال: لما خرج يونس عليه السلام مغاضباً أتى السفينة، فركبها فامتنعت أن تجري فقال أصحاب السفينة: ما هذا إلا لحدث أحدثتموه! فقال بعضهم لبعض: تعالوا حتى نقترع، فمن وقعت عليه القرعة فالقوه في الماء، فاقترعوا، فوقعت القرعة على يونس عليه السلام، ثم عادوا فوقعت القرعة عليه في الثالثة، فلما رأى يونس ذلك قال: هو أنا، فخرج فطرح نفسه في الماء، فإذا حوت قد رفع رأسه من الماء قدر ثلاثة أذرع، فذهب ليطرح نفسه، فاستقبله الحوت، فإذا هوى إليه ليأخذه، فتحول إلى الجانب الآخر، فإذا الحوت قد استقبله، فلما رأى يونس عليه السلام ذلك عرف أنه أمر من الله، فطرح نفسه، فأخذه الحوت قبل أن يمر على الماء، فأوحى الله إلى الحوت أن لا تهضم له عظماً، ولا تأكل له لحماً حتى آمر بأمري بكذا وكذا وكذا.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9