الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ أَوْلَى ٱلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلْمُؤْمِنِينَ }

أخرج عبد بن حميد من طريق شهر بن حوشب حدثني ابن غنم. أنه لما أنْ خرج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي أدركهم عمرو بن العاص، وعمارة بن أبي معيط، فأرادوا عنتهم والبغي عليهم، فقدموا على النجاشي وأخبروه أن هؤلاء الرهط الذين قدموا عليك من أهل مكة إنما يريدون أن يخبلوا عليك ملكك، ويفسدوا عليك أرضك، ويشتموا ربك. فأرسل إليهم النجاشي فلما أن أتوه قال: ألا تسمعون ما يقول صاحباكم هذان؟ لعمرو بن العاص، وعمارة بن أبي معيط، يزعمان أنما جئتم لتخبلوا عليَّ ملكي، وتفسدوا علي أرضي. فقال عثمان بن مظعون، وحمزة: إن شئتم فخلوا بين أحدنا وبين النجاشي فلنكلمه فانا أَحْدَثَكُمْ سناً، فإن كان صواباً فالله يأتي به، وإن كان أمراً غير ذلك قلتم رجل شاب لكم في ذلك عذر. فجمع النجاشي قسيسيه ورهبانه وتراجمته، ثم سألهم أرأيتكم صاحبكم هذا الذي من عنده جئتم ما يقول لكم، وما يأمركم به، وما ينهاكم عنه. هل له كتاب يقرأه؟ قالوا: نعم. هذا الرجل يقرأ ما أنزل الله عليه، وما قد سمع منه، وهو يأمر بالمعروف، ويأمر بحسن المجاورة، ويأمر باليتيم، ويأمر بأن يعبد الله وحده ولا يعبد معه إله أخر. فقرأ عليه سورة الروم، وسورة العنكبوت، وأصحاب الكهف، ومريم. فلما ان ذكر عيسى في القرآن أراد عمرو أن يغضبه عليهم فقال: والله إنهم ليشتمون عيسى ويسبونه قال النجاشي: ما يقول صاحبكم في عيسى؟ قال: يقول ان عيسى عبدالله، ورسوله، وروحه، وكلمته ألقاها إلى مريم. فأخذ النجاشي نفثة من سواكه قدر ما يقذي العين، فحلف ما زاد المسيح على ما يقول صاحبكم ما يزن ذلك القذى في يده من نفثة سواكه، فابشروا ولا تخافوا فلا دهونة ـ يعني بلسان الحبشة اليوم على حزب إبراهيم ـ قال عمرو بن العاص: ما حزب إبراهيم؟ قال: هؤلاء الرهط وصاحبهم الذي جاؤوا من عنده ومن اتبعهم. فأنزلت ذلك اليوم خصومتهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة { إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين }.

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن لكل نبي ولاة من النبيين، وإن وليي منهم أبي وخليل ربي ثم قرأ { إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين } ".

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحكم بن ميناء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يا معشر قريش إن أولى الناس بالنبي المتقون، فكونوا أنتم بسبيل ذلك، فانظروا أن لا يلقاني الناس يحملون الأعمال، وتلقوني بالدنيا تحولنها فأصدُّ عنكم بوجهي. ثم قرأ عليهم هذه الآية { إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين } ".


السابقالتالي
2