الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّورَاةُ وَٱلإنْجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { هٰأَنْتُمْ هَؤُلاۤءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }

أخرج ابن اسحق وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: " اجتمعت نصارى نجران، وأحبار يهود، عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنازعوا عنده فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهودياً، وقالت النصارى: ما كان إبراهيم إلا نصرانياً. فأنزل الله فيهم { يا أهل الكتاب لما تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده } إلى قوله { والله ولي المؤمنين } فقال أبو رافع القرظي: أتريد منا يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم؟ فقال رجل من أهل نجران: أذلك تريد يا محمد؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: معاذ الله أن أعبد غير الله، أو آمر بعبادة غيره. ما بذلك بعثني، ولا أمرني. فأنزل الله في ذلك من قولهما { ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوّة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله } [آل عمران:79] إلى قوله { بعد إذ أنتم مسلمون } ثم ذكر ما أخذ عليهم وعلى آبائهم من الميثاق بتصديقه إذا هو جاءهم، وإقرارهم به على أنفسهم فقال { وإذ أخذ الله ميثاق النبيين } [آل عمران: 81] إلى قوله { من الشاهدين } ".

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال " ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا يهود أهل المدينة، وهم الذين حاجوا في إبراهيم، وزعموا أنه مات يهودياً. فأكذبهم الله وتفاهم منه فقال { يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم } وتزعمون أنه كان يهودياً أونصرانياً { وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده } فكانت اليهودية بعد التوراة، وكانت النصرانية بعد الإنجيل { أفلا تعقلون } ".

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله { يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم } قال: اليهود والنصارى برأه الله منهم حين ادعى كل أمة منهم، وألحق به المؤمنين من كان من أهل الحنيفية.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي { يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم } قالت النصارى: كان نصرانياً. وقالت اليهود: كان يهودياً. فأخبرهم الله أن التوراة والإنجيل إنما أنزلتا من بعده، وبعده كانت اليهودية والنصرانية.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية { ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم } يقول: فيما شهدتم ورأيتم وعاينتم { فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم } يقول: فيما لم تشهدوا ولم تروا ولم تعاينوا.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة. مثله.

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال: أما الذي لهم به علم فما حرم عليهم وما أُمروا به، وأما الذي ليس لهم به علم فشأن إبراهيم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال: يعذر من حاج بعلم، ولا يعذر من حاج بالجهل.