الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ } * { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَآءُ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ } * { وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال: " مر شاس بن قيس وكان شيخاً قد عسا في الجاهلية، عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم، على نفر من أصحاب رسول الله من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من ألفتهم، وجماعتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد. والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار، فأمر فتى شاباً معه من يهود فقال: اعمد إليهم فاجلس معهم، ثم ذكرهم يوم بعاث وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار. وكان يوم بعاث يوماً اقتتلت فيه الأوس والخزرج، وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج. ففعل، فتكلم القوم عند ذلك، وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب أوس بن قيظي أحد بني حارثة من الأوس، وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم ـ والله ـ رددناها الآن جذعة. وغضب الفريقان جميعاً وقالوا: قد فعلنا. السلاح السلاح... موعدكم الظاهرة، والظاهرة الحرة. فخرجوا إليها وانضمت الأوس بعضها إلى بعض، والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية.

فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم فقال: يا معشر المسلمين الله الله... أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ هداكم الله إلى الإسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألف به بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفاراً؟! فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوّهم لهم. فألقوا السلاح، وبكوا وعانق الرجال بعضهم بعضاً، ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس، وأنزل الله في شأن شاس بن قيس وما صنع { قل يا أهل الكتاب لمَ تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون } إلى قوله { وما الله بغافل عما تعملون } وأنزل في أوس بن قيظي، وجبار بن صخر، ومن كان معهما من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا { يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين } إلى قوله { أولئك لهم عذاب عظيم } "

وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني من طريق أبي نعيم عن ابن عباس قال: كانت الأوس والخزرج في الجاهلية بينهم شر، فبينما هم يوماً جلوس، ذكروا ما بينهم حتى غضبوا وقام بعضهم إلى بعض بالسلاح، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر له ذلك فركب إليهم.

السابقالتالي
2 3 4