الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ ٱلرِّعَآءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ } * { فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى ٱلظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ } * { فَجَآءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى ٱسْتِحْيَآءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَآءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ ٱلْقَصَصَ قَالَ لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ } * { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يٰأَبَتِ ٱسْتَئْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ ٱسْتَئْجَرْتَ ٱلْقَوِيُّ ٱلأَمِينُ } * { قَالَ إِنِّيۤ أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ } * { قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا ٱلأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلاَ عُدْوَانَ عَلَيَّ وَٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ }

أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج موسى عليه السلام خائفاً جائعاً ليس معه زاد حتى انتهى إلى ماء مدين وعليه أمة من الناس يسقون، وامرأتان جالستان بشياههما، فسألهما ما خطبكما؟ { قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير } قال: فهل قربكما ماء قالتا: لا... إلا بئر عليها صخرة قد غطيت بها لا يطيقها نفر قال: فانطلقا فأريانيها. فانطلقتا معه فقلب بالصخرة بيده، فنحاها ثم استقى لهما سجلاً واحداً فسقى الغنم، ثم أعاد الصخرة إلى مكانها، ثم تولى إلى الظل فقال: { رب إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير } فسمعتا ما قال، فرجعتا إلى أبيهما فاستنكر سرعة مجيئهما، فسألهما فاخبرتاه فقال لإِحداهما: انطلقي فادعيه فأتته فقالت: { إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا } فمشت بين يديه فقال لها: امشي خلفي، فإني امرؤ من عنصر إبراهيم لا يحل لي أن أنظر منك ما حرم الله علي، وارشديني الطريق.

{ فلما جاءه وقص عليه القصص...، قالت إحداهما: يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين } قال لها أبوها: ما رأيت من قوّته وأمانته؟ فأخبرته بالأمر الذي كان قالت: أما قوّته فإنه قلب الحجر وحده، وكان لا يقلبه إلا النفر. وأما أمانته فإنه قال: امشي خلفي وارشديني الطريق، لأني امرؤ من عنصر إبراهيم عليه السلام، لا يحل لي منك ما حرمه الله تعالى. قيل لابن عباس رضي الله عنهما. أي الأجلين قضى موسى عليه السلام؟ قال: أبرهما وأوفاهما.

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: إن موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون، فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها إلا عشرة رجال، فإذا هو بامرأتين { قال ما خطبكما } فحدثتاه. فأتى الصخرة فرفعها وحده ثم استسقى، فلم يستق إلا دلواً واحداً حتى رويت الغنم.

فرجعت المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه، وتولى موسى عليه السلام إلى الظل { فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير } قال: { فجاءته إحداهما تمشي على استحياء } واضعة ثوبها على وجههها ليست بسلفع من الناس خراجة ولاجة { قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا } فقام معها موسى عليه السلام فقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق، فإني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف جسدك. فلما انتهى إلى أبيها قص عليه فقالت احداهما { يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين } قال: يا بنية ما علمك بأمانته وقوته؟ قالت: أما قوّته: فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشرة رجال، وأما أمانته، فقال: امشي خلفي وانعتي لي الطريق، فإني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك.

السابقالتالي
2 3 4 5 6