أخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال { الأيكة }. وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس في قوله { كذب أصحاب الأيكة المرسلين } قال: كانوا أصحاب غيضة بين ساحل البحر إلى مدين، وقد أهلكوا فيما يأتون. وكان أصحاب الأيكة مع ما كانوا فيه من الشرك استنوا سنة أصحاب مدين. فقال لهم شعيب { إني لكم رسول أمين } ، { فاتقوا الله وأطيعون } ، { وما أسألكم } على ما أدعوكم عليه أجراً في العاجل في أموالكم { إن أجري إلا على رب العالمين } ، { واتقوا الذي خلقكم والجبلة } يعني وخلق الجبلة { الأولين } يعني القرون الأولين الذين أهلكوا بالمعاصي ولا تهلكوا مثلهم { قالوا إنما أنت من المسحرين } يعني من المخلوقين { وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين } ، { فأسقط علينا كسفاً من السماء } يعني قطعاً من السماء { فأخذهم عذاب يوم الظلة } أرسل الله عليهم سموماً من جهنم، فأطاف بهم سبعة أيام حتى انضجهم الحر، فحميت بيوتهم، وغلت مياههم في الآبار والعيون، فخرجوا من منازلهم ومحلتهم هاربين والسموم معهم، فسلط الله عليهم الشمس من فوق رؤوسهم فتغشتهم حتى تقلقلت فيها جماجمهم، وسلط الله عليهم الرمضاء من تحت أرجلهم حتى تساقطت لحوم أرجلهم، ثم أنشأت لهم ظلة كالسحابة السوداء، فلما رأوها ابتدروها يستغيثون بظلها حتى إذا كانوا تحتها جميعاً؛ أطبقت عليهم فهلكوا ونجَّى الله شعيباً والذين آمنوا به. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { والجبلة الأولين } قال: الخلق الأولين. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد { والجبلة الأولين } قال: الخليقة. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة { فأسقط علينا كسفاً من السماء } قال: قطعاً من السماء. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: إن أهل مدين عذبوا بثلاثة أصناف من العذاب: أخذتهم الرجفة في دارهم حتى خرجوا منها، فلما خرجوا منها، أصابهم فزع شديد ففرقوا أن يدخلوا البيوت أن تسقط عليهم. فأرسل الله عليهم الظلة فدخل تحتها رجل قال: ما رأيت كاليوم ظلاً أطيب ولا ابرد هلموا أيها الناس، فدخلوا جميعاً تحت الظلة، فصاح فيهم صيحة واحدة، فماتوا جميعاً. وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال: { أصحاب الأيكة } أصحاب شجر وهم قوم شعيب، وأصحاب الرس: أصحاب آبار وهم قوم شعيب. وأخرج ابن المنذر عن السدي قال: بعث شعيباً إلى أصحاب الأيكة - والايكة غيضة - فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة. قال: فتح الله عليهم باباً من أبواب جهنم، فغشيهم من حره ما لم يطيقوه، فتبردوا بالماء وبما قدروا عليه، فبينما هم كذلك إذ رفعت لهم سحابة فيها ريح باردة طيبة، فلما وجدوا بردها ساروا نحو الظلة، فاتوها يتبردون بها فخرجوا من كل شيء كانوا فيه، فلما تكاملوا تحتها طبقت عليهم بالعذاب.