الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَآ إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ }

أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عاصم بن عدي قال: لما نزلت { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } قلت: يا رسول الله إلى أن يأتي الرجل بأربعة شهداء قد خرج الرجل؟ فلم ألبث إلا أياماً فإذا ابن عم لي معه امرأته ومعها ابن وهي تقول: منك. وهو يقول: ليس مني. فنزلت آية اللعان قال عاصم: فأنا أول من تكلم وأول من ابتلى به.

وأخرج أحمد وعبد الرزاق والطيالسي وعبد بن حميد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " لما نزلت { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء.. } الآية قال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار: أهكذا أنزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟ فقالوا: يا رسول الله لا تلمه فإنه رجل غيور. والله ما تزوّج امرأة قط إلا بكراً، وما طلق امرأة قط فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها من شدة غيرته فقال سعد: يا رسول الله إني لأعلم أنها حق وأنها من الله، ولكني تعجبت إني لو وجدت لكاعاً قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتىآتي بأربعة شهداء - فوالله - لا آتي بهم حتى يقضي حاجته قال: فما لبثوا إلا يسيراً حتى جاء هلال بن أمية؛ وهو أحد الثلاثة الذي تيب عليهم، فجاء من أرضه عشاء فدخل على امرأته فوجد عندها رجلاً، فرأى بعينه، وسمع بأذنيه، فلم يهجه حتى أصبح، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني جئت أهلي عشاء، فوجدت عندها رجلاً، فرأيت بعيني، وسمعت بأذني، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به واشتد به، واجتمعت الأنصار فقالوا: قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة الآن. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلال بن أمية وأبطل شهادته في المسلمين فقال هلال: والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجاً فقال: يا رسول الله إني قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به والله يعلم إني لصادق، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه إذ نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، وكان إذا أنزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربد جلده، فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي فنزلت { والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم } فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فقال: ابشر يا هلال قد جعل الله لك فرجاً و مخرجاً فقال هلال: قد كنت أرجو ذلك من ربي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارسلوا إليها فجاءت فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما، وذكرهما وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا فقال هلال: والله يا رسول الله لقد صدقت عليها فقالت: كذب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لاعنوا بينهما فقيل لهلال اشهد. فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين، فلما كان في الخامسة قيل لهلال: فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب فقال: والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها. فشهد في الخامسة أن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين. ثم قيل لها اشهدي.

فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين. فلما كانت في الخامسة قيل لها: اتقي الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فتلكأت ساعة فقالت: والله لا أفضح قومي، فشهدت في الخامسة أن غضب الله عليها أن كان من الصادقين. ففرق رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقضى أنه لا يدعى لأب، ولا يرمى ولدها من أجل الشهادات الخمس، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ليس لها قوت، ولا سكنى، ولا عدة، من أجل أنهما تفرقا من غير طلاق، ولا متوفى عنها ".


السابقالتالي
2 3 4 5 6