الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ }

أخرج الطيالسي والفريابي وأحمد وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن ابن عباس قال: حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي. قال " سلوني عما شئتم، ولكن اجعلوا لي ذمة الله وما أخذ يعقوب على بنيه لئن أنا حدثتكم شيئاً فعرفتموه لتتابعني؟ قالوا: فذلك لك. قالوا: أربع خلال نسألك عنها: أخبرنا أي طعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة، وأخبرنا كيف ماء الرجل من ماء المرأة وكيف الأنثى منه والذكر، وأخبرنا كيف هذا النبي الأمي في النوم، ومن وليه من الملائكة، فأخذ عليهم عهد الله لئن أخبرتكم لتتابعني، فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق. قال: فأنشدكم بالذي أنزل التوراة هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضاً طال سقمه، فنذر نذراً لئن عافاه الله من سقمه ليحرمن أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه، وكان أحب الطعام إليه لُحْمَان الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها؟ فقالوا: اللهم نعم. فقال: اللهم اشهد. قال: أنشدكم بالذي لا إله إلا هو هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ وأن ماء المرأة أصفر رقيق، فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله، إن علا ماء الرجل كان ذكراً بإذن الله وإن علا ماء المرأة كان أنثى بإذن الله؟ قالوا: اللهم نعم. قال: اللهم اشهد قال: فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن النبي الأمي هذا تنام عيناه ولا ينام قلبه؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد عليهم. قالوا: أنت الآن فحدثنا من وليك من الملائكة فعندها نتابعك أو نفارقك؟ قال: وليي جبريل ولم يبعث الله نبياً قط إلا وهو وليه. قالوا: فعندها نفارقك، لو كان وليك سواه من الملائكة لا تبعناك وصدقناك. قال: فما يمنعكم أن تصدقوه؟ قالوا: هو عدوّنا. فأنزل الله تعالى { من كان عدواً لجبريل } إلى قوله { كأنهم لا يعلمون } فعند ذلك باؤوا بغضب على غضب ".

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وإسحاق بن راهويه في مسنده وابن جرير وابن أبي حاتم عن الشعبي قال " نزل عمر رضي الله عنه بالروحاء، فرأى ناساً يبتدرون أحجاراً فقال: ما هذا؟ فقالوا: يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى هذه الأحجار، فقال: سبحان الله... ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ راكباً مر بواد فحضرت الصلاة فصلَّى، ثم حدث فقال: إني كنت أغشى اليهود يوم دراستهم فقالوا: ما من أصحابك أحد أكرم علينا منك لأنك تأتينا. قلت: وما ذاك إلا أني أعجب من كتب الله كيف يصدق بعضها بعضاً، كيف تصدق التوراة الفرقان والفرقان التوراة، فمر النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وأنا أكلمهم فقلت: أنشدكم بالله وما تقرأون من كتابه، أتعلمون أنه رسول الله؟ قالوا: نعم. فقلت: هلكتم والله، تعلمون أنه رسول الله ثم لا تتبعونه؟ فقالوا: لم نهلك ولكن سألناه من يأتيه بنبوّته فقال: عدوّنا جبريل، لأنه ينزل بالغلظة والشدة والحرب والهلاك ونحو هذا، فقلت فمن سلمكم من الملائكة؟ فقالوا: ميكائيل ينزل بالقطر والرحمة وكذا. قلت: وكيف منزلتهما من ربهما؟ فقالوا: أحدهما عن يمينه والآخر من الجانب الآخر. قلت: فإنه لا يحل لجبريل أن يعادي ميكائيل، ولا يحل لميكائيل أن يسالم عدوّ جبريل، وإني أشهد أنهما وربهما سلم لمن سالموا وحرب لمن حاربوا، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن أخبره، فلما لقيته قال: ألا أخبرك بآيات أنزلت عليّ؟ قلت: بلى يا رسول الله فقرأ { من كان عدواً لجبريل } حتى بلغ { الكافرين } قلت: والله يا رسول الله ما قمت من عند اليهود إلا إليك لأخبرك بما قالوا لي، وقلت لهم فوجدت الله قد سبقني "

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9