الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ فَقُلْنَا ٱضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }

أخرج وكيع والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { فقلنا اضربوه ببعضها } قال: ضرب بالعظم الذي يلي الغضروف.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: ذكر لنا أنهم ضربوه بفخذها، فلما فعلوا أحياه الله حتى أنبأهم بقاتله الذي قتله، وتكلم ثم مات.

وأخرج وكيع وابن جرير عن عكرمة في الآية قال: ضربوه بفخذها فحي، فما زاد على أن قال: قتلني فلان، ثم عاد فمات.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في الآية قال: ضرب بفخذ البقرة فقام حياً فقال: قتلني فلان، ثم عاد في ميتته.

وأخرج ابن جرير عن السدي قال: ضرب بالبضعة التي بين الكتفين.

وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال: أمرهم موسى أن يأخذوا عظماً فيضربوا به القتيل، ففعلوا فرجع الله روحه فسمى قاتله، ثم عاد ميتاً كما كان.

وأما قوله تعالى: { كذلك يحيي الله الموتى } الآية.

أخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال: إن فتى من بني إسرائيل كان براً بوالدته، وكان يقوم ثلث الليل يصلي، ويجلس عند رأس والدته ثلث الليل، فيذكرها بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد، ويقول: يا أمه إن كنت ضعفت عن قيام الليل فكبري الله وسبيحه وهلليه، فكان ذلك عملهما الدهر كله، فإذا أصبح أتى الجبل فاحتطب على ظهره فيأتي به السوق فيبيعه بما شاء الله أن يبيعه، فيتصدق بثلثه ويبقي لعبادته ثلثاً ويعطي الثلث أمه، وكانت أمه تأكل النصف وتتصدق بالنصف، وكان ذلك عملهما الدهر كله.

فلما طال عليها قالت: يا بني اعلم أني قد ورثت من أبيك بقرة وختمت عنقها، وتركتها في البقر على اسم إله إبراهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب، قالت وسأبين لك ما لونها وهيئتها، فإذا أتيت البقر فادعها باسم إله إبراهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب فأنها تفعل كما وعدتني، وقالت: إن علامتها ليست بهرمة ولا فتية، غير أنها بينهما وهي صفراء فاقع لونها تسر الناظرين، إذا نظرت إلى جلدها يخيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها، وليست بالذلول، ولا صعبة تثير الأرض، ولا تسقي الحرث، مسلمة لا شية فيها ولونها واحد، فإذا رأيتها فخذ بعنقها فإنها تتبعك بإذن إله إسرائيل.

فانطلق الفتى وحفظ وصية والدته، وسار في البرية يومين أو ثلاثاً، حتى إذا كان صبيحة ذلك اليوم انصرف فصاح بها فقال: بإله إبراهيم وإسمعيل واسحق ويعقوب إلا ما أتيتني، فأقبلت البقرة إليه وتركت الرعي، فقامت بين يدي الفتى، فأخذ بعنقها فتكلمت البقرة وقالت: يا أيها الفتى البر بوالدته اركبني فإنه أهون عليك. قال الفتى: لم تأمرني والدتي أن أركب عليك ولكنها أمرتني أن أسوقك سوقاً فأحب أن أبلغ قولها.

السابقالتالي
2 3