الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ وَعَلَىٰ أَبْصَٰرِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ }

أخرج ابن جريج وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير في السنة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله { إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون } ونحو هذا من القرآن قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرص أن يؤمن جميع الناس ، ويتابعوه على الهدى، فأخبره الله أنه لا يؤمن إلا من سبق له من الله السعادة في الذكر الأوّل ، ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاء في الذكر الأول.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو قال " قيل يا رسول الله إنا نقرأ من القرآن فنرجو، ونقرأ فنكاد نيأس فقال: ألا أخبركم عن أهل الجنة وأهل النار؟ قالوا بلى يا رسول الله قال { الۤمۤ ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين } إلى قوله { المفلحون } هؤلاء أهل الجنة قالوا: إنا نرجو أن نكون هؤلاء. ثم قال: { إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم } إلى قوله { عظيم } هؤلاء أهل النار. قلنا لسنا هم يا رسول الله؟ قال أجل ".

وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { إن الذين كفروا } أي بما أنزل إليك، وإن قالوا إنا قد آمنا بما جاء من قبلك { سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون } أي أنهم قد كفروا بما عندهم من ذكرك، وجحدوا ما أخذ عليهم من الميثاق لك، فقد كفروا بما جاءك ، وبما عندهم مما جاءهم به غيرك، فكيف يسمعون منك إنذاراً وتخويفاً، وقد كفروا بما عندهم من نعتك { ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة } أي عن الهدى أن يصيبوه أبداً بغير ما كذبوا به من الحق الذي جاءك من ربك، حتى يؤمنوا به وإن آمنوا بكل ما كان قبلك، ولهم بما عليه من خلافك { عذاب عظيم } فهذا في الأحبار من يهود.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله { إن الذين كفروا } قال: نزلت هاتان الآيتان في قادة الأحزاب، وهم الذين ذكرهم الله في هذه الآيةألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً } [إبراهيم: 28] قال: فهم الذين قتلوا يوم بدر، ولم يدخل من القادة أحد في الإِسلام إلا رجلان. أبو سفيان، والحكم بن أبي العاص.

وأخرج ابن المنذر عن السدي في قوله { أأنذرتهم أم لم تنذرهم } قال: وعظتهم لم لم تعظهم.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله { إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون } قال: أطاعوا الشيطان فاستحوذ عليهم، فختم الله على قلوبهم، وعلى سمعهم، وعلى أبصارهم غشاوة، فهم لايبصرون هدى، ولا يسمعون، ولا يفقهون، ولا يعقلون.

السابقالتالي
2