الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ }

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { فأزلهما } قال: فأغواهما.

وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم بن بهدلة { فأزلهما } فنحاهما.

وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال: في قراءتنا في البقرة مكان { فأزلهما } فوسوس.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا: لما قال الله لآدم { اسكن أنت وزوجك الجنة } أراد إبليس أن يدخل عليهما الجنة فأتى الحية، وهي دابة لها أربع قوائم كأنها البعير، وهي كأحسن الدواب فكلمها أن تدخله في فمها حتى تدخل به إلى آدم، فادخلته في فمها فمرت الحية على الخزنة، فدخلت ولا يعلمون لما أراد الله من الأمر ، فكلمه من فمها فلم يبال بكلامه، فخرج إليه فقال { يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى } وحلف لهما بالله { إني لكما لمن الناصحين } فأبى آدم أن يأكل منها، فقعدت حواء فأكلت ثم قالت: يا آدم كل فإني قد أكلت فلم يضر بي. فلما أكل { بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة }.

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن ابن عباس قال: إن عدوّ الله إبليس عرض نفسه على دواب الأرض أنها تحمله حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم. فكل الدواب أبى ذلك عليه حتى كلم الحية فقال لها: أمنعك من ابن آدم فإنك في ذمتي إن أدخلتني الجنة، فحملته بين نابين حتى دخلت به، فكلمه من فيها وكانت كاسية تمشي على أربع قوائم فاعراها الله، وجعلها تمشي على بطنها. يقول ابن عباس: فاقتلوها حيث وجدتموها، اخفروا ذمة عدوّ الله فيها.

وأخرج سفيان بن عيينة وعبد الرزاق وابن المنذر وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس قال: كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته السنبلة، فلما أكلا منها بدت لهما سوآتهما. وكان الذي دارى عنهما من سوآتهما أظفارهماوطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة } [الاعراف: 22] ورق التين يلزقان بعضه إلى بعض، فانطلق آدم مولياً في الجنة، فأخذت برأسه شجرة من شجر الجنة، فناداه ربه: يا آدم تفر؟ قال: لا، ولكني استحيتك يا رب قال: أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها مندوحة عما حرمت عليك؟ قال: بلى يا رب ولكن ـ وعزتك ـ ما حسبت أن أحداً يحلف بك كاذباً قال: فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض، ثم لا تنال العيش إلا كدا. فاهبطا من الجنة وكانا يأكلان منها رغداً، فاهبط إلى غير رغد من طعام ولا شراب، فعلم صنعة الحديد، وأمر بالحرث فحرث وزرع، ثم سقى حتى إذا بلغ حصد، ثم درسه، ثم ذراه، ثم طحنه، ثم عجنه، ثم خبزه، ثم أكله، فلم يبلغه حتى بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ، وكان آدم حين أهبط من الجنة بكى بكاء لم يبكه أحد، فلو وضع بكاء داود على خطيئته، وبكاء يعقوب على ابنه، وبكاء ابن آدم على أخيه حين قتله، ثم بكاء أهل الأرض ما عدل ببكاء آدم عليه السلام حين أهبط.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10