الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً } قال: سخر لكم ما في الأرض جميعاً كرامة من الله، ونعمة لابن آدم. متاعاً وبلغة، ومنفعة إلى أجل.

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد في قوله { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً } قال: سخر لكم ما في الأرض جميعاً { ثم استوى إلى السماء } قال: خلق الله الأرض قبل السماء، فلما خلق الأرض ثار منها دخان، فذلك قوله { ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات } يقول: خلق سبع سموات بعضهن فوق بعض، وسبع أرضين بعضهن تحت بعض.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء فسوّاهن سبع سماوات } قال: إن الله كان عرشه على الماء ولم يخلق شيئاً قبل الماء، فلما أراد أن يخلق أخرج من الماء دخاناً، فارتفع فوق الماء، فسما سماء، ثم أيبس الماء فجعله أرضاً فتقها واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين. في الأحد والإِثنين، فخلق الأرض على حوت وهو الذي ذكره في قوله (ن، والقلم) والحوت من الماء، والماء على ظهر صفاة، والصفاة على ظهر ملك، والملك على صخرة، والصخرة في الريح، وهي الصخرة التي ذكرها لقمان؛ ليست في السماء ولا في الأرض، فتحرك الحوت فاضطرب فتزلزلت الأرض، فأرسى عليها الجبال، فالجبال تفخر على الأرض. فذلك قولهوَأَلْقَىٰ في ٱلأَرض رواسي أن تميد بكم } [النحل: 15]. وخلق الجبال فيها، وأقوات أهلها، وشجرها، وما ينبغي لها في يومين: في الثلاثاء، والأربعاء، وذلك قولهأئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض } [فصلت: 9] إلى قولهوبارك فيها } [فصلت: 10] يقول: أنبت شجرها، وقدر فيها أقواتها، يقول لأهلهافي أربعة أيام سواء للسائلين } [فصلت: 10] يقول: من سأل فهكذا الأمر { ثم استوى إلى السماء وهي دخان } وكان ذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس، ثم جعلها سماء واحدة، ثم فتقها فجعلها سبع سموات في يومين: في الخميس، والجمعة، وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق السموات والأرضوأوحى في كل سماء أمرها } [فصلت: 12] قال: خلق في كل سماء خلقها من الملائكة، والخلق الذي فيها، من البحار، وجبال، البرد، وما لا يعلم. ثم زين السماء الدنيا بالكواكب، فجعلها زينة وحفظاً من الشياطين، فلما فرغ من خلق ما أحب استوى على العرش.

السابقالتالي
2 3 4