الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَٰواْ إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } * { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَٰلِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ }

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي في قوله { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا... } الآية. قال: نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب، ورجل من بني المغيرة، كانا شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا إلى ناس من ثقيف من بني ضمرة وهم بنو عمرو بن عمير، فجاء الإِسلام ولهما أموال عظيمة في الربا، فأنزل الله { وذروا ما بقي } من فضل كان في الجاهلية { من الربا }.

وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله... } الآية قال: " كانت ثقيف قد صالحت النبي صلى الله عليه وسلم على أن مالهم من ربا على الناس وما كان للناس عليهم من ربا فهو موضوع، فلما كان الفتح استعمل عتاب بن أسيد على مكة، وكانت بنو عمرو بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة، وكانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية، فجاء الإِسلام ولهم عليهم مال كثير، فأتاهم بنو عمرو يطلبون رباهم، فأبى بنو المغيرة أن يعطوهم في الإِسلام، ورفعوا ذلك إلى عتاب بن أسيد، فكتب عتاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا } إلى قوله { ولا تظلمون } فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب وقال: إن رضوا وإلا فأذنهم بحرب ".

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك في قوله { اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا } قال: كان ربا يتعاملون به في الجاهلية، فلما أسلموا أمروا أن يأخذوا رؤوس أموالهم.

وأخرج آدم وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن مجاهد في قوله { اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا } قال: كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول: لك كذا وكذا وتؤخر عني؟ فيؤخر عنه.

وأخرج مالك والبيهقي في سننه عن زيد بن أسلم قال: كان الربا في الجاهلية أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل، فإذا حل الحق قال: اتقضي أم تربي؟ فإن قضاه أخذ وإلا زاده في حقه، وزاده الآخر في الأجل.

وأخرج أبو نعيم في المعرفة بسند واه عن ابن عباس في قوله { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا } قال: نزلت في نفر من ثقيف منهم مسعود وربيعة، وحبيب وعبد يا ليل، وهم بنو عمرو بن عمير بن عوف الثقفي، وفي بني المغيرة من قريش.

وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال: " نزلت هذه الآية في بني عمرو بن عمير بن عوف الثقفي، ومسعود بن عمرو بن عبد يا ليل بن عمرو، وربيعة بن عمرو، وحبيب بن عمير، وكلهم اخوة وهم الطالبون، والمطلوبون بنو المغيرة من بني مخزوم، وكانوا يداينون بني المغيرة في الجاهلية بالربا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم صالح ثقيفاً فطلبوا رباهم إلى بني المغيرة، وكان مالاً عظيماً فقال بنو المغيرة: والله لا نعطي الربا في الإِسلام وقد وضعه الله ورسوله عن المسلمين، فعرفوا شأنهم معاذ بن جبل، ويقال عتاب بن أسيد، فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بني عمرو وعمير يطلبون رباهم عند بني المغيرة، فأنزل الله { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ بن جبل: أن اعرض عليهم هذه الآية، فإن فعلوا فلهم رؤوس أموالهم، وإن أبوا فأذنهم بحرب من الله ورسوله ".


السابقالتالي
2 3 4 5