الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ أَوْ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِـي هَـٰذِهِ ٱللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَٱنْظُرْ إِلَى ٱلعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب في قوله { أو كالذي مر على قرية } قال: خرج عزير نبي الله من مدينته وهو شاب، فمر على قرية خربة وهي خاوية على عروشها فقال: أنى يحيي هذه الله بعد موتها؟ فأماته الله مائة عام ثم بعثه، فأول ما خلق منه عيناه، فجعل ينظر إلى عظامه وينظم بعضها إلى بعض، ثم كسيت لحماً، ثم نفخ فيه الروح فقيل له: كم لبثت؟ قال: لبثت يوماً أو بعض يوم. قال: بل لبثت مائة عام، فأتى مدينته وقد ترك جاراً له اسكافاً شاباً، فجاء وهو شيخ كبير.

واخرج اسحاق بن بشر والخطيب وابن عساكر عن عبدالله بن سلام: أن عزيراً هو العبد الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه.

وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن ابن عباس: أن عزير بن سروخا هو الذي فيه قال الله في كتابه { أو كالذي مر على قرية } الآية.

وأخرج ابن جرير عن عكرمة وقتادة وسليمان بن بريدة والضحاك والسدي مثله.

وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر من طرق عن ابن عباس وكعب والحسن ووهب يزيد بعضهم على بعض. أن عزيراً كان عبداً صالحاً حكيماً، خرج ذات يوم إلى ضيعة له يتعاهدها، فلما انصرف انتهى إلى خربة حين قامت الظهيرة أصابه الحر، فدخل الخربة وهو على حمار له، فنزل عن حماره ومعه سلة فيها تين وسلة فيها عنب، فنزل في ظل تلك الخربة.

وأخرج قصعة معه، فاعتصر من العنب الذي كان معه في القصعة، ثم أخرج خبزاً يابساً معه فألقاه في تلك القصعة في العصير ليبتل ليأكله، ثم استلقى على قفاه وأسند رجليه إلى الحائط، فنظر سقف تلك البيوت ورأى منها ما فيها وهي قائمة على عرشها وقد باد أهلها، ورأى عظاماً بالية فقال: { أنى يحيي هذه الله بعد موتها: } فلم يشك أن الله يحييها ولكن قالها تعجبا.

فبعث الله ملك الموت فقبض روحه، فأماته الله مائة عام، فلما أتت عليه مائة عام وكان فيما بين ذلك في بني إسرائيل أمور وأحداث، فبعث الله إلى عزير ملكاً فخلق قلبه ليعقل به، وعينيه لينظر بهما فيعقل كيف يحيي الله الموتى، ثم ركب خلقه وهو ينظر، ثم كسا عظامه اللحم والشعر والجلد، ثم نفخ فيه الروح كل ذلك يرى ويعقل، فاستوى جالساً فقال له الملك: كم لبثت؟ قال: لبثت يوماً وذلك أنه كان نام في صدر النهار عند الظهيرة، وبعث في آخر النهار والشمس لم تغب. فقال: أو بعض يوم، ولم يتم لي يوم.

السابقالتالي
2 3 4 5