الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَٰهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } * { وَقَٰتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

أخرج وكيع والفريابي وابن جرير وابن المنذر والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله { ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت } قال: كانوا أربعة آلاف خرجوا فراراً من الطاعون، وقالوا: نأتي أرضاً ليس بها موت، حتى إذا كانوا بموضع كذا وكذا، قال لهم الله: موتوا. فمر عليهم نبي من الأنبياء، فدعا ربه أن يحييهم حتى يعبدوه فأحياهم.

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في الآية قال: كانوا أربعة آلاف من أهل قرية يقال لها داوردان، خرجوا فارين من الطاعون.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق أسباط عن السدي عن أبي مالك في الآية قال: كانت قرية يقال لها داوردان قريب من واسط، فوقع فيهم الطاعون، فأقامت طائفة وهربت طائفة، فوقع الموت فيمن أقام وسلم الذين أجلوا، فلما ارتفع الطاعون رجعوا إليهم، فقال الذين بقوا: اخواننا كانوا أحزم منا لو صنعنا كما صنعوا سلمنا، ولئن بقينا إلى أن يقع الطاعون لنصنعن كما صنعوا.

فوقع الطاعون من قابل فخرجوا جميعاً، الذين كانوا أجلوا والذين كانوا أقاموا وهم بضعة وثلاثون ألفاً، فساروا حتى أتوا وادياً فسيحا فنزلوا فيه وهو بين جبلين، فبعث الله إليهم ملكين، ملكاً بأعلى الوادي وملكاً بأسفله، فناداهم: أن موتوا فماتوا. فمكثوا ما شاء الله، ثم مر بهم نبي يقال له حزقيل، فرأى تلك العظام فوقف متعجباً لكثرة ما يرى منهم، فأوحى الله إليه أن ناد أيتها العظام إن الله يأمرك أن تجتمعي، فاجتمعت العظام من أعلى الوادي وأدناه حتى التزق بعضها ببعض كل عظم من جسد التزق بجسده، فصارت أجساداً من عظام لا لحم ولا دم، ثم أوحى الله إليه أن ناد أيتها العظام إن الله يأمرك أن تكتسي لحماً فاكتست لحماً، ثم أوحى الله إليه أن ناد أيتها الأجساد إن الله يأمرك أن تقومي فبعثوا أحياء.

فرجعوا إلى بلادهم فأقاموا لا يلبسون ثوباً إلا كان عليهم كفناً دسماً، يعرفهم أهل ذلك الزمان أنهم قد ماتوا، ثم أقاموا حتى أتت عليهم آجالهم بعد ذلك قال أسباط: وقال منصور عن مجاهد: كان كلامهم حين بعثوا أن قالوا سبحانك اللهم ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت...!

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن عبد العزيز في قوله تعالى { ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم } قال: هم من أذرعات.

وأخرج عن أبي صالح في الآية قال: كانوا تسعة آلاف.

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله { ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت } قال: مقتهم الله على فرارهم من الموت، فأماتهم الله عقوبة ثم بعثهم إلى بقية آجالهم ليستوفوها، ولو كانت آجال القوم جاءت ما بعثوا بعد موتهم.

السابقالتالي
2 3 4 5