الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ }

أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لما أصيبت السرية التي فيها عاصم ومرثد قال رجال من المنافقين: يا ويح هؤلاء المقتولين الذين هلكوا هكذا، لا هم قعدوا في أهلهم ولا هم أدوا رسالة صاحبهم.! فأنزل الله { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا } أي لما يظهر من الإِسلام بلسانه { ويشهد الله على ما في قلبه } أنه مخالف لما يقوله بلسانه { وهو ألد الخصام } أي ذو جدال إذا كلمك راجعكوإذا تولى } [البقرة: 205] خرج من عندكسعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد } [البقرة: 205] أي لا يحب عمله ولا يرضى بهومن الناس من يشري نفسه... } [البقرة: 207] الآية. الذين شروا أنفسهم من الله بالجهاد في سبيله والقيام بحقه حتى هلكوا على ذلك، يعني بهذه السرية.

وأخرج ابن المنذر عن أبي إسحق قال: كان الذين اجلبوا على خبيب في قتله نفر من قريش عكرمة بن أبي جهل، وسعيد بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود، والأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة، وعبيدة بن حكيم بن أمية بن عبد شمس، وأمية ابن أبي عتبة.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي في قوله { ومن الناس من يعجبك } الآية. قال " نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي حليف لبني زهرة، أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وقال: جئت أريد الإِسلام، ويعلم الله أني لصادق. فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه فذلك قوله { ويشهد الله على ما في قلبه } ثم خرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فمر بزرع لقوم من المسلمين وحمر، فاحترق الزرع وعقر الحمر، فأنزل اللهوإذا تولى سعى في الأرض } [البقرة: 205] الآية ".

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الكلبي قال: كنت جالساً بمكة فسألوني عن هذه الآية { ومن الناس من يعجبك قوله... } الآية. قلت: هو الأخنس بن شريق ومعنا فتى من ولده، فلما قمت اتبعني فقال: إن القرآن إنما أنزل في أهل مكة، فإن رأيت أن لا تسمي أحداً حتى تخرج منها فافعل.

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد المقبري. أنه ذاكر محمد بن كعب القرظي فقال: إن في بعض كتب الله: إن لله عباداً ألسنتهم أحلى من العسل، وقلوبهم أمرّ من الصبر، لبسوا لباس مسوك الضأن من اللين، يجترون الدنيا بالدين. قال الله تعالى: أعلي يجترئون؟ وبي يغترون؟ وعزتي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم منهم حيران. فقال محمد بن كعب: هذا في كتاب الله { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا } الآية.

السابقالتالي
2