الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنْفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ }

أخرج وكيع وسفيان بن عيينة وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن حذيفة في قوله { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال: هو ترك النفقة في سبيل الله مخافة العيلة.

وأخرج وكيع وعبد بن حميد والبيهقي عن ابن عباس في قوله { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال: ترك النفقة في سبيل الله، أنفق ولو مشقصاً.

وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال: ليس التهلكة أن يقتل الرجل في سبيل الله ولكن الإِمساك عن النفقة في سبيل الله.

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة في قوله { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال: نزلت في النفقات في سبيل الله.

وأخرج وكيع وعبد بن حميد عن مجاهد قال: إنما أنزلت هذه الآية { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } في النفقة في سبيل الله.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال: كان القوم في سبيل الله فيتزوّد الرجل، فكان أفضل زاداً من الآخر، أنفق اليابس من زاده حتى لا يبقى من زاده شيء أحب أن يواسي صاحبه، فأنزل الله { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }.

وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال: كانوا يسافرون ويقترون ولا ينفقون من أموالهم، فأمرهم أن ينفقوا في مغازيهم في سبيل الله.

وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في الشعب عن الحسن في قوله { بأيديكم إلى التهلكة } قال: هو البخل.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في الآية قال: كان رجال يخرجون في بعوث يبعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير نفقة، فإما يقطع بهم وإما كانوا عيالاً، فأمرهم الله أن يستنفقوا مما رزقهم الله ولا يلقوا بأيديهم إلى التهلكة، والتهلكة أن يهلك رجال من الجوع والعطش ومن المشي، وقال لمن بيده فضل { وأحسنوا إن الله يحب المحسنين }.

وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى وابن جرير والبغوي في معجمه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن قانع والطبراني عن الضحاك بن أبي جبيرة أن الأنصار كانوا ينفقون في سبيل الله ويتصدقون، فأصابتهم سنة فساء ظنهم وأمسكوا عن ذلك، فأنزل الله { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }.

وأخرج سفيان بن عيينة وعبد بن حميد عن مجاهد { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } قال: لا يمنعنكم النفقة في حق خيفة العيلة.

وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه والطبراني وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أسلم أبي عمران قال: كنا بالقسطنطينية وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى أهل الشام فضالة بن عبيد، فخرج صف عظيم من الروم، فصففنا لهم فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، فصاح الناس وقالوا: سبحان الله! يلقي بيديه إلى التهلكة، فقام أبو أيوب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس إنكم تتأوّلون هذه الآية هذا التأويل، وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار، إنا لما أعز الله دينه وكثر ناصروه قال بعضنا لبعض سراً دون رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله قد أعز الإِسلام وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع فيها، فأنزل الله على نبيه يرد علينا ما قلنا { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } فكانت التهلكة الإِقامة في الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو.

السابقالتالي
2