الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلشَّهْرُ ٱلْحَرَامُ بِٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ }

أخرج البخاري عن نافع. أن رجلاً أتى ابن عمر فقال: ما حملك على أن تحج عاماً وتعتمر عاماً وتترك الجهاد في سبيل الله، وقد علمت ما رغب الله فيه؟ قال: يا ابن أخي: بني الإِسلام على خمس: إيمان بالله ورسوله، والصلاة الخمس، وصيام رمضان، وأداء الزكاة، وحج البيت. قال: ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه؟:وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } [الحجرات: 9] { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } قال: فعلنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان الإِسلام قليلاً، وكان الرجل يفتن في دينه، إما قتلوه وإما عذبوه حتى كثر الإِسلام، فلم تكن فتنة.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي ظبيان قال: جاء رجل إلى سعد فقال له: ألا تخرج تقاتل مع الناس حتى لا تكون فتنة؟ فقال سعد: قد قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم تكن فتنة، فأما أنت وذا البطين تريدون أن أقاتل حتى تكون فتنة.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال " لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمراً في سنة ست من الهجرة، وحبسه المشركون عن الدخول والوصول إلى البيت، وصدوه بمن معه من المسلمين في ذي القعدة وهو شهر حرام حتى قاضاهم على الدخول من قابل، فدخلها في السنة الآتية هو ومن كان معه من المسلمين وأقصه الله منهم، نزلت هذه الآية { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } ".

وأخرج الواحدي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال " نزلت هذه الآية في صلح الحديبية، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صد عن البيت ثم صالحه المشركون على أن يرجع عامه القابل، فلما كان العام القابل تجهز وأصحابه لعمرة القضاء، وخافوا أن لا تفي قريش بذلك، وأن يصدوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم، وكره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام، فأنزل الله ذلك ".

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال " أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأحرموا بالعمرة في ذي القعدة ومعهم الهدي، حتى إذا كانوا بالحديبية صدهم المشركون فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجع، ثم يقدم عاماً قابلاً فيقيم بمكة ثلاثة أيام ولا يخرج معه بأحد من أهل مكة، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الهدي بالحديبية، وحلقوا أو قصروا، فلما كان عام قابل أقبلوا حتى دخلوا مكة في ذي القعدة، فاعتمروا وأقاموا بها ثلاثة أيام، وكان المشركون قد فخروا عليه حين صدوه يوم الحديبية، فقص الله له منهم فادخله مكة في ذلك الشهر الذي ردوه فيه، فقال { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } ".

السابقالتالي
2 3