الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى ٱلْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام } قال: هذا في الرجل يكون عليه مال وليس عليه فيه بينة، فيجحد المال ويخاصمهم إلى الحكام وهو يعرف أن الحق عليه، وقد علم أنه إثم أكل حرام.

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام } قال: لا تخاصم وأنت تعلم أنك ظالم.

وأخرج ابن المنذر عن قتادة في الآية قال: لا تدل بمال أخيك إلى الحكام وأنت تعلم أنك ظالم، فإن قضاءه لا يحل لك شيئاً كان حراماً عليك.

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } يعني بالظلم، وذلك أن امرأ القيس بن عابس وعبدان بن أشوع الحضرمي اختصما في أرض وأراد امرؤ القيس أن يحلف، ففيه نزلت { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } وفي قوله { لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإِثم } يعني طائفة { وأنتم تعلمون } يعني تعلمون أنكم تدعون الباطل.

وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذنه، فإنما أقطع له قطعة من النار ".

وأخرج أحمد عن أبي حميد الساعدي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرىء أن يأخذ مال أخيه بغير حقه، وذلك لما حرم الله مال المسلم على المسلم ".

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس " أنه كان يكره أن يبيع الرجل الثوب ويقول لصاحبه: إن كرهته فرد معه ديناراً " ، فهذا مما قال الله { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل }.

وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال: قلت لعبد الله بن عمرو: هذا ابن عمك يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، وأن نقتل أنفسنا وقد قال الله { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام } إلى آخر الآية. فجمع يديه فوضعهما على جبهته ثم قال: أطعه في طاعة الله، واعصه في معصية الله.