الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلْفُلْكِ ٱلَّتِي تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلْمُسَخَّرِ بَيْنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم: " ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهباً نتقوّى به على عدوّنا، فأوحى الله إليه: إني معطيهم فأجعل لهم الصفا ذهباً، ولكن إن كفروا بعد ذلك عذبتهم عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين. فقال: رب دعني وقومي فادعوهم يوماً بيوم، فأنزل الله هذه الآية { إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر } وكيف يسألونك الصفا وهم يرون من الآيات ما هو أعظم من الصفا ".

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير قال: سألت قريش اليهود فقالوا: حدثونا عما جاءكم به موسى من الآيات، فأخبروهم أنه كان يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله. فقالت قريش عند ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم " ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهباً فنزداد به يقيناً ونتقوّى به على عدونا، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه. فأوحى الله إليه: إني معطيكم ذلك، ولكن إن كذبوا بعد عذبتهم عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين. فقال: ذرني وقومي فأدعوهم يوماً بيوم، فأنزل الله عليه { إن في خلق السماوات والأرض... } الآية. فخلق السموات والأرض، واختلاف الليل والنهار أعظم من أن أجعل الصفا ذهباً ".

وأخرج وكيع والفريابي وآدم بن أبي أياس وسعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي الضحى قال: لما نزلتوإلهكم إله واحد } [البقرة: 163] عجب المشركون، وقالوا: إن محمداً يقول: وإلهكم إله واحد فليأتنا بآية إن كان من الصادقين! فأنزل الله { إن في خلق السماوات والأرض... } الآية يقول: إن في هذه الآيات { لآيات لقوم يعقلون }.

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء قال: نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينةوإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } [البقرة: 163] فقال كفار قريش بمكة: كيف يسع الناس إله واحد؟! فأنزل الله { إن في خلق السماوات والأرض } إلى قوله { لقوم يعقلون } فبهذا يعلمون أنه إله واحد، وأنه إله كل شيء، وخالق كل شيء.

أما قوله تعالى: { واختلاف الليل والنهار }.

أخرج أبو الشيخ في العظمة عن سلمان قال: الليل موكل به ملك يقال له شراهبل، فإذا حان وقت الليل أخذ خرزة سوداء فدلاها من قبل المغرب، فإذا نظرت إليها الشمس وجبت في أسرع من طرفة عين، وقد أمرت الشمس أن لا تغرب حتى ترى الخرزة، فإذا غربت جاء الليل، فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجيء ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء فيعلقها من قبل المطلع، فإذا رآها شراهيل مد إليه خرزته وترى الشمس الخرزة البيضاء فتطلع، وقد أمرت أن لا تطلع حتى تراها، فإذا طلعت جاء النهار.

السابقالتالي
2 3 4 5