الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ ٱلشَّيَـٰطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَـٰنَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَـٰنُ وَلَـٰكِنَّ ٱلشَّيَـٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ ٱلسِّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى ٱلْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـٰرُوتَ وَمَـٰرُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلَٰـقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }

أخرج سفيان بن عينية وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء، فإذا سمع أحدهم بكلمة حق كذب عليها ألف كذبة فاشربتها قلوب الناس واتخذوها دواوين، فاطلع الله على ذلك سليمان بن داود فأخذها فقذفها تحت الكرسي، فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال: ألا أدلكم على كنز سليمان الذي لا كنز لأحد مثل كنزه الممنع؟ قالوا: نعم. فأخرجوه فإذا هو سحر فتناسختها الأمم، وأنزل الله عذر سليمان فيما قالوا من السحر فقال { واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان... } الآية.

وأخرج النسائي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان آصف كاتب سليمان وكان يعلم الاسم الأعظم، وكان يكتب كل شيء بأمر سليمان ويدفنه تحت كرسيه، فلما مات سليمان أخرجته الشياطين فكتبوا بين كل سطرين سحراً وكفراً، وقالوا: هذا الذي كان سليمان يعمل به، فاكفره جهال الناس وسبوه، ووقف علماؤهم فلم يزل جهالهم يسبونه حتى أنزل الله على محمد { واتبعوا ما تتلوا الشياطين }.

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: لما ذهب ملك سليمان ارتد فئام من الجن والإِنس واتبعوا الشهوات، فلما رجع إلى سليمان ملكه وقام الناس على الدين، ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيه، وتوفي حدثان ذلك، فظهر الجن والإِنس على الكتب بعد وفاة سليمان، وقالوا: هذا كتاب من الله نزل على سليمان أخفاه عنا، فأخذوه فجعلوه ديناً، فأنزل الله { واتبعوا ما تتلوا الشياطين } أي الشهوات التي كانت الشياطين تتلو، وهي المعازف واللعب وكل شيء يصد عن ذكر الله.

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كان سليمان إذا أراد أن يدخل الخلاء أو يأتي شيئاً من شأنه، أعطى الجرادة وهي امرأته خاتمه، فلما أراد الله أن يبتلي سليمان بالذي ابتلاه به أعطى الجرادة ذلك اليوم خاتمه، فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها: هاتي خاتمي. فأخذه فلبسه، فلما لبسه دانت له الشياطين والجن والإِنس، فجاءها سليمان فقال: هاتي خاتمي. فقالت: كذبت لست سليمان. فعرف أنه بلاء ابتلي به، فانطلقت الشياطين فكتبت في تلك الأيام كتباً فيها سحر وكفر، ثم دفنوها تحت كرسي سليمان، ثم أخرجوها فقرأوها على الناس وقالوا: إنما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب، فبرىء الناس من سليمان وأكفروه حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، وأنزل عليه { وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا }.

وأخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال: قال اليهود: انظروا إلى محمد يخلط الحق بالباطل، يذكر سليمان مع الأنبياء إنما كان ساحراً يركب الريح، فأنزل الله { واتبعوا ما تتلوا الشياطين.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد