الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ } * { تُؤْتِيۤ أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ }

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة } شهادة أن لا إله إلا الله { كشجرة طيبة } وهو المؤمن { أصلها ثابت } يقول: لا إله إلا الله { ثابت } في قول المؤمن { وفرعها في السماء } يقول: يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء { ومثل كلمة خبيثة } وهي الشرك { كشجرة خبيثة } وهي الكافر { اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } يقول: الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر، ولا برهان له ولا يقبل الله مع الشرك عملاً.

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { ألم تر كيف ضرب الله مثلاً... } الآية. قال: يعني بالشجرة الطيبة، المؤمن. ويعني بالأصل الثابت في الأرض وبالفرع في السماء، يكون المؤمن يعمل في الأرض ويتكلم، فيبلغ عمله وقوله السماء وهو في الأرض { تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها } يقول: يذكر الله كل ساعة من الليل والنهار. وفي قوله { ومثل كلمة خبيثة } قال: ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة كمثل الكافر، يقول: إن الشجرة الخبيثة { اجتثت } من فوق الأرض { ما لها من قرار } يعني أن الكافر لا يقبل عمله ولا يصعد إلى الله تعالى، فليس له أصل ثابت في الأرض ولا فرع في السماء، يقول: ليس له عمل صالح في الدنيا ولا في الآخرة.

وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله { كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت } في الأرض، وكذلك كان يقرؤها. قال: ذلك المؤمن ضرب مثله. قال: الاخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له { أصلها ثابت } قال: أصل عمله ثابت في الأرض { وفرعها في السماء } قال: ذكره في السماء { تؤتي أكلها كل حين } قال: يصعد عمله أوّل النهار وآخره { ومثل كلمة خبيثة } قال: هذا الكافر، ليس له عمل في الأرض ولا ذكر في السماء { اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار } قال: أعمالهم يحملون أوزارهم على ظهورهم.

وأخرج ابن جرير، عن عطية العوفي في قوله { ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة } قال: ذلك مثل المؤمن، لا يزال يخرج منه كلام طيب وعمل صالح يصعد إليه { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة } قال: ذلك مثل الكافر، لا يصعد له قول طيب ولا عمل صالح.

وأخرج ابن جرير عن الضحاك - رضي الله عنه - في قوله { كشجرة طيبة... } إلى قوله { تؤتي أكلها كل حين } قال: تجتمع ثمرتها كل حين. وهذا مثل المؤمن، يعمل كل حين وكل ساعة من النهار وكل ساعة من الليل، وفي الشتاء وفي الصيف بطاعة الله.

السابقالتالي
2 3 4 5