الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقِيلَ يٰأَرْضُ ٱبْلَعِي مَآءَكِ وَيٰسَمَآءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ ٱلْمَآءُ وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ وَٱسْتَوَتْ عَلَى ٱلْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ ٱلظَّالِمِينَ }

أخرج ابن سعد وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان للملك يوم ولد نوح اثنان وثمانون سنة، ولم يكن أحد في ذلك الزمان ينتهي عن منكر، فبعث الله نوحاً إليهم وهو ابن أربعمائة سنة وثمانين سنة، ثم دعاهم في نبوّته مائة وعشرين سنة، ثم أمره بصنعة السفينة فصنعها وركبها وهو ابن ستمائة سنة وغرق من غرق، ثم مكث بعد السفينة ثلاثمائة وخمسين سنة، فولد نوح سام وفي ولده بياض وأدمة، وحام وفي ولده سواد وبياض، ويافث وفيهم الشقرة والحمرة، وكنعان وهو الذي غرق، والعرب تسمية بام وأم هؤلاء واحدة، وبجل فود نجر نوح السفينة، ومن ثم بدا الطوفان، فركب نوح السفينة معه بنوه هؤلاء ونساء بنيه هؤلاء، وثلاثة وسبعون من بني شيث ممن آمن به، فكانوا ثمانين في السفينة، وحمل معه من كل زوجين اثنين، وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع بذراع جد أبي نوح، وعرضها خمسين ذراعاً، وطولها في السماء ثلاثين ذراعاً، وخرج منها من الماء ستة أذرع وكانت مطبقة، وجعل لها ثلاثة أبواب بعضها أسفل من بعض، فأرسل الله المطر أربعين يوماً فأقبلت الوحش حين أصابها المطر والدواب والطير كلها إلى نوح وسخرت له، فحمل منها كما أمره الله من كل زوجين اثنين وحمل معه جسد آدم عليه السلام، فجعل حاجزاً بين النساء والرجال فركبوا فيها لعشر مضين من رجب، وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرم، فلذلك صام من صام يوم عاشوراء، وخرج الماء مثل ذلك نصفين نصف من السماء ونصف من الأرض، فذلك قول اللهففتحنا أبواب السماء بماء منهمر } [القمر: 11] يقول: مُنْصَبٍّوفجرنا الأرض عيوناً } [القمر: 12] يقول: شققنا الأرض فالتقى الماءعلى أمر قد قدر } [القمر: 12] وارتفع الماء على أطول جبل في الأرض خمسة عشر ذراعاً، فسارت بهم السفينة فطافت بهم الأرض كلها في ستة أشهر لا تستقر على شيء حتى أتت الحرم فلم تدخله، ودارت بالحرم أسبوعاً ورفع البيت الذي بناه آدم عليه السلام رفع من الغرق، وهو البيت المعمور والحجر الأسود على أبي قبيس، فلما دارت بالحرم ذهبت في الأرض تسير بهم حتى انتهت إلى الجودي، وهو جبل بالحضين من أرض الموصل، فاستقرت بعد ستة أشهر لتمام السنة، فقيل بعد الستة أشهر: بعداً للقوم الظالمين، فلما استوت على الجودي قيل: { يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي } يقول: احبسي ماءك { وغيض الماء } نشفته الأرض فصار ما نزل من السماء هذه البخور التي ترون في الأرض، فآخر ماء بقي في الأرض من الطوفان ماء يحسى بقي في الأرض أربعين سنة بعد الطوفان، ثم ذهب فهبط نوح عليه السلام إلى قرية فبنى كل رجل منهم بيتاً فسميت سوق الثمانين، فغرق بنو قابيل كلهم، وما بين نوح إلى آدم من الآباء كانوا على الإِسلام، ودعا نوح على الأسد أن يلقى عليه الحمى، وللحمامة بالانس، وللغراب بشقاء المعيشة، وتزوّج نوح امرأة من بني قابيل فولدت له غلاماً سماه يوناطن، فلما ضاقت بهم سوق الثمانين تحوّلوا إلى بابل فبنوها وهي بين الفرات والصراة، فمكثوا بها حتى بلغوا مائة ألف وهم على الإِسلام، ولما خرج نوح من السفينة دفن آدم عليه السلام ببيت المقدس.

السابقالتالي
2 3