الرئيسية - التفاسير


* تفسير نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلأُمِّيِّ ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ }

ولما تم ما نظمه تعالى في أثناء هذه القصص من جواهر أوصاف هذا النبي الكريم حثاً على الإيمان به وإيجاباً له على وجه علم منه أنه رسول الله إلى كل مكلف تقدم زمانه أو تأخر؛ أمره سبحانه أن يصرح بما تقدم التلويح إليه، ويصرّح بما أخذ ميثاق الرسل عليه تحقيقاً لعموم رسالته وشمول دعوته فقال: { قل } وأتى بأداة البعد لأنه محلها { يا أيها الناس } وقد مضى في الأنعام أن اشتقاقهم من النوس، وأن الإمام السبكي قال: إن ذلك يقتضي دخول الجن والكملائكة فيهم. وتقدم عند { ولا تبخسوا الناس أشياءهم } في هذه السورة ما ينفع هنا { إني رسول الله } أي الذي له جميع الملك { إليكم جميعاً } أي لا فرق بين أدركني ومن تأخر عني أو تقدم عليّ في أن الكل يشترط عليهم الإيمان بي والاتباع لي؛ وهذا المراد بقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه حين رفع إليه الذراع فنهش منها فقال: " أنا سيد الناس يوم القيامة " وللدرامي في أوائل مسنده عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " أنا قائد المرسلين ولا فخر، وأنا خاتم النبيين ولا فخر، وانا أول شافع وأول مشفع ولا فخر " وللترمذي في المناقب عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال؛ " أنا أول الناس خروجاً إذا بعثوا، وأنا قائدهم إذا وفدوا، وأنا خطيبهم إذا أنصتوا، وأنا مستشفعهم إذا حبسوا، وأنا مبشرهم إذا أيسوا لواء الحمد يومئذ بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على ربي ولا فخر " وقال: حديث حسن غريب، وله في المناقب أيضاً عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم غير فخر " وقال: حسن صحيح غريب؛ وللترمذي والدارمي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ألا! وأنا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامه تحته آدم فمن دونه ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامه ولا فخر، وانا أكرم الأولين والآخرين ولا فخر " وللترمذي وقال: حسن - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أنا سيد ولد آدم يوم القيامه ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من نبي يومئذ آدم فمن سواه إلا تحت لوائي " الفخر: ادعاء العظمة والكبر والشرف، أي لا أقوله تبجحاً، ولكن شكراً وتحديثاً بالنعمة؛ وما اجتمع بهم في مجمع إلا كان إمامهم قبل موته وبعده، اجتمع بهم ليلة الإسراء في بيت المقدس فصلى بهم إماماً، ثم اجتمع بهم في السماء فصلى بجميع أهل السماء إماماً، وأما يوم الجمع الأكبر والكرب الأعظم فيحيل الكل عليه ويؤمنون بالرسالة، وما أحال بعض الكابر على بعض إلا علماً منهم بأن الختام يكون به.

السابقالتالي
2 3