الرئيسية - التفاسير


* تفسير نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يَسْأَلُهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ ٱلثَّقَلاَنِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { يٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ إِنِ ٱسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُواْ مِنْ أَقْطَارِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ فَٱنفُذُواْ لاَ تَنفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }

ولما كان الوجه أشرف ما في الوجود، وكان يعبر به عما أريد به صاحب الوجه مع أنه لا يتصور بقاء الوجه صاحبه، فكان التعبير به عن حقيقة ذلك الشيء أعظم وأدل على الكمال، وكان من المقرر عند أهل الشرع أنه سبحانه ليس كمثله شيء فلا يتوهم أحد منهم من التعبير به نقصاً قال: { ويبقى } أي بعد فناء الكل، بقاء مستمراً إلى ما لا نهاية له { وجه ربك } أي المربي لك بالرسالة والترقية بهذا الوحي إلى ما لا يحد من المعارف، وكل عمل أريد به وجهه سبحانه وتعالى خالصاً. ولما ذكر مباينته للمخلوقات، وصفه بالإحاطة الكاملة بالنزاهة والحمد، وقال واصفاً الوجه لأن المراد به الذات الذي هو أشرفها معبراً به ولأنها أبلغ من " صاحب " وبما ينبه على التنزيه عما ربما توهمه من ذكر الوجه بليد جامد مع المحسوسات يقيس الغائب - الذي لا يعتريه حاجة ولا يلم بجنابه الأقدس نقص - بالشاهد الذي كله نقص وحاجة { ذو الجلال } أي العظمة التي لا ترام وهو صفة ذاته التي تقتضي إجلاله عن كل ما لا يليق به { والإكرام * } أي الإحسان العام وهو صفة فعله.

ولما كان الموت نفسه فيه نعم لا تنكر، وكان موت ناس نعمة على ناس، مع ما ختم به الآية من وصفه بالإنعام قال: { فبأيّ آلاء ربكما } أي المربي لكما على هذا الوجه الذي مآله إلى العدم إلى أجل مسمى { تكذبان * } أي أيها الثقلان الإنس والجان، أبنعمة السمع من جهة الأمام أو غيرها من إيجاد الخلق ثم إعدامهم وتخليف بعضهم في أثر بعض وإيراث البعض ما في يد البعض - ونحو ذلك من أمور لا يدركها على جهتها إلا الله تعالى.

ولما كان أدل دليل على العدم الحاجة، وعلى دوام الوجود الغنى، قال دليلاً على ما قبله: { يسئله } أي على سبيل التجدد والاستمرار { من في السماوات } أي كلهم { والأرض } أي كلهم من ناطق أو صامت بلسان الحال أو القال أو بهما، ولما كان كأنه قيل: فماذا يفعل عند السؤال، وكان أقل الأوقات المحدودة المحسوسة { اليوم } عبر به عن أقل الزمان كما عبر به عن أخف الموزونات بالذرة فقال مجيباً لذلك: { كل يوم } أي وقت من الأوقات من يوم السبت وعلى اليهود لعنة الله وغضبه حيث قالوا في السبت ما هو مناف لقوله سبحانه وتعالى:ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب } [ق: 38]ولا يؤده حفظهما هو العلي العظيم } [البقرة:255] { هو في شأن } أي من إحداث أعيان وتجديد معان أو إعدام ذلك، قال القشيري: في فنون أقسام المخلوقات وما يجريه عليها من اختلفا الصفات - انتهى.

السابقالتالي
2 3 4