الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ ٱلْبَيِّنَةُ } * { رَسُولٌ مِّنَ ٱللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً } * { فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ }

قوله تعالى: { لَمْ يَكُنِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَٱلْمُشْرِكِينَ } ، هذه قراءة العامة، وخط المصحف.

وقرأ عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: " لَمْ يكُن المُشْركُونَ وأهْلُ الكِتابِ منفكين " وهذه قراءة على التفسير.

قال ابن العربي: " وهي جائزة في معرض البيان، لا في معرض التلاوة، فقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في رواية الصحيح " فَطلِّقُوهُنَّ لقُبُلِ عدَّتهِنَّ " وهو تفسيرٌ، فإن التلاوة هو ما كان في خط المصحف ".

وقرئ: " والمُشرِكُون " بالواو نسقاً على " الَّذينَ كَفَرُوا ".

قوله: { مُنفَكِّينَ } اسم فاعل من " انفكَ " ، وهي هنا التامة، فلذلك لم تحتج إلى خبر.

وزعم بعضهم: أنها هنا ناقصة، وأن الخبر مقدر، تقديره: منفكّين عارفين محمداً صلى الله عليه وسلم.

قال أبو حيان: وحذف خبر " كَانَ " لا يجوز اقتصاراً، ولا اختصاراً.

وجعلوا قوله: [الكامل]
5263ب- …..............................   يَبْغِي جِوَاركَ حَيْثُ لَيْسَ مُجِيرُ
أي: في الدنيا، ضرورة، ووجه من منع من ذلك أنه قال: صار الخبر مطلوباً من جهتين: من جهة كونه مخبراً به، فهو أحد جزئي الإسناد، ومن حيث كونه منصوباً بالفعل، وهذا منتقض بمفعولي ظن، فإن كلاًّ منهما فيه المعنيان المذكوران ومع ذلك يحذفان، أو أحدهما اختصاراً، وأما الاقتصار ففيه خلاف وتفصيل وتقدم ذكره.

وقوله: { حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ } متعلق بـ " لَمْ يَكُنْ " أو بـ " مُنفكِّينَ ".

فصل

قال الواحديُّ: هذه الآية من أصعب ما في القرآن نظماً وتفسيراً، ولم يبين كيفية الإشكال قال ابن الخطيب: ووجه الإشكال أن تقدير الآية: لم يكن الذين كفروا إلى أن تأتيهم البينة التي هي الرسول، ثم إنه تعالى لم يذكر الشيء المنفكّ عنه، والظاهر أن المراد لم ينفكوا عن كفرهم، حتى تأتيهم البينة التي هي الرسول، فانفكوا عنه لأن " حتَّى " لانتهاء الغاية، فهذه الآية تقتضي أنهم صاروا منفكين عن كفرهم عند إتيان الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن قوله تعالى: { وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ } يقتضي زيادة كفرهم عند مجيء الرسول - عليه الصلاة والسلام - فحينئذ يحصل التناقض، والجواب من وجوه:

أحدها: وهو أحسنها، ما لخصه الزمخشريُّ: أن الأول حكاية ما كانوا يقولونه من أنه صلى الله عليه وسلم الموعود به لا ننفك عما نحن عليه من ديننا.

والثاني: إخبار عن الواقع، يعني أنهم كانوا يعدون الاتِّفاق على الحق إذا جاءهم الرسول - عليه الصلاة والسلام -، والمعنى أن الذي وقع فيه كان خلافاً لما ادعوا.

وثالثها: المعنى: لم يكونوا منفكين عن كفرهم، وإن جاءتهم بينة، قاله القاضي. إلا أن جعل " حتى " بمعنى " أن " بعيد في اللغة.

السابقالتالي
2 3 4 5