الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْفَجْرِ } * { وَلَيالٍ عَشْرٍ } * { وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ } * { وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ } * { هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ }

قوله تعالى: { وَٱلْفَجْرِ } ، قيل: جواب القسم مذكور، وهو قوله تعالى:إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } [الفجر: 14]، قاله ابن الأنباري.

وقيل: محذوف، لدلالة المعنى عليه، أي: ليجازي كل واحد بما عمل، بدليل ما فعل بالقرون الخالية.

وقدَّره الزمخشريُّ: ليُعذبنَّ، قال: يدل عليه قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ } إلى قوله " فصبَّ ".

وقدره أبو حيَّان: بما دلت عليه خاتمة السورة قبله، أي: لإيابهم إلينا وحسابهم علينا.

وقال مقاتل: " هل " هنا: في موضع " إنَّ " تقديره: " إنَّ في ذلك قسماً لذي حجر، فـ " هل " هذا في موضع جواب القسم. انتهى.

وهذا قول باطل؛ لأنه لا يصلح أن يكون مقسماً عليه تقدير تسليم أنَّ التركيب هكذا، وإنما ذكرناه للتنبيه على سقوطه.

وقيل: ثم مضاف محذوف، أي: صلاة الفجر، أو ربِّ الفجر.

والعامة: على عدم التنوين في: " الفَجْرِ، والوَتْرِ، ويَسْرِ ".

وأبو الدينار الأعرابي: بتنوين الثلاثة.

قال ابن خالويه: هذا ما روي عن بعض العرب أنه يقف على آخر القوافي: بالتنوين، وإن كان فعلاً، وإن كان فيه الألف واللام؛ قال الشاعر: [الوافر]
5189- أقِلِّي اللَّوْمَ عَاذلَ والعِتابَنْ   وقُولِي إنْ أصَبْتُ لَقدْ أصَابَنْ
يعني: هذا تنوين الترنُّم، وهو أن العربي إذا أراد ترك الترنُّم - وهو: مدّ الصوت - نوَّن الكلمة، وإنما يكن في الروي المطلق.

وقد عاب بعضهم النحويين تنوين الترنم، وقال: بل ينبغي أن يسموه بتنوين تركه، ولهذا التنوين قسيم آخر، يسمى: التنوين الغالي وهو ما يلحقُ الرويَّ المقيد؛ كقوله: [الرجز]
5190- خَـاوِي المُختَـرَقْنْ   
على أن بعض العروضيين أنكروا وجوده، ولهذين التنوينين أحكام مخالفة لحكم التنوين مذكورة في علم النحو.

والحاصل: أن هذا القارئ أجرى الفواصل مجرى القوافي، وله نظائر منها: " الرَّسُولا، والسَّبِيلا، والظُّنُونَا " " في الأحزاب 10 و 66 و 67 " و " المتعال " في الرعد و " عَشْرٍ " هنا.

قال الزمخشري: فإن قيل: فما بالها منكرة من بين ما أقسم به؟ قلت: لأنها ليال مخصوصة من نفس جنس الليالي العشر بعض منها، أو مخصوصة بفضيلة ليست لغيرها، فإن قلت: فهلا عرفت بلام العهد؛ لأنها ليال معلومة معهودة؟.

قلت: لو فعل ذلك لم تستقل بمعنى الفضيلة الذي في التنكير؛ ولأن الأحسن أن تكون الكلمات متجانسة، ليكون الكلام أبعد من الإلغاز والتَّعميَة.

يعني بتجانس اللامات، أن تكون كلها إمَّا للجنس، وإما للعهد, والغرض الظاهر أن اللامات في: " الفجر " وما معه، للجنس، فلو جيء بالليالي معرفة بلام العهد لفات التجانس.

أقسم سبحانه: بالفجر، وليال عشر، والشفع والوتر، والليل إذا يسر: أقسام خمسة.

واختلف في " الفجرِ " ، فقال عليٌّ وابنُ الزُّبيرِ وابنُ عبَّاسٍ - رضي الله عنهم -: " الفَجْر " هنا: انفجار الظلمة عن النهار من كل يوم.

السابقالتالي
2 3 4 5