الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ } * { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ }

قوله: { إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ } ، أي: رجوعهم بعد الموت: والعامة: على تخفيف الياء، مصدر: آب، يئوب، إياباً، أي: رجع، كقام يقوم قياماً؛ قال عبيدٌ: [مخلع البسيط]
5188- وكُـلُّ ذِي غِيْبَـةٍ يَئُـوبُ   وغَائِـبُ المَـوْتِ لا يَئُـوبُ
وقرأ أبو جعفر وشيبة بتشديدها.

قال أبو حاتمٍ: لا يجوز التشديد، ولو جاز جاز مثله في الصيام والقيام.

وقيل: لغتان بمعنى.

قال شهابُ الدين: وقد اضطربت فيها أقوال التصريفيّين.

فقيل: هو مصدر لـ " أيَّبَ " على وزن " فَيْعَل " كـ " بَيْطَر " يقال منه: " أيَّبَ يُؤيبُ إيَّاباً " والأصل: أيْوبَ يُؤيوبٌ إيواباً كـ " بَيْطَرَ يُبَيْطِرُ " ، فاجتمعت الواو والياء في جميع ذلك، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء المزيدة فيها، فـ " إيَّابَ " على هذا " فِيعَال ".

وقيل: بل هو مصدر لـ " أوَّبَ " بزنة " فَوْعَلَ " كـ " حَوْقَلَ " ، والأصل: " إوْوَاب " بواوين، الأولى: زائدة، والثانية: عين الكلمة، فسكنت الأولى بعد كسرة، فقلبت ياء، فصارت: " إيواباً " ، فاجتمعت ياء وواو، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء بعدها، فوزنه " فِيعَال " كـ " حِيقَال " ، والأصل: " حِوقَال ".

وقيل: بل هو مصدر لـ " أوَّبَ " ، على وزن " فَعْوَل " ، كـ " جَهْور " ، والأصل: " إوْوَاب " على ومن " فِعْوَال " ، كـ " جِهْوَار " ، والأولى عين الكلمة، والثانية زائدة، وفعل به ما فعل بما قبله من القلب والإدغام، للعلل المتقدمة، وهي مفهومة مما مرَّ.

فإن قيل: الإدغام مانعٌ من قلب الواو ياء.

قيل: إنما يمنع إذا كانت الواو والياء عينان، وقد عرفت أن الياء في " فَيْعَل " ، والواو في " فَوْعَل، وفَعْوَل " زائدتان.

وقيل: بل هو مصدر لـ " أوَّبَ " بزنة: " فعَّل " نحو: " كذَّبَ كِذَّاباً " ، والأصل: " إوَّاب " قلبت الواو الأولى ياء لانكسار ما قبلها، فقيل: " إيواباً ".

قال الزمخشريُّ: كديوان في " دِوَّان " ، ثم فعل به ما فعل بـ " سيِّد وميِّت " ، يعني أصله: سَيْود، فقلبت وأدغم، وإلى هذا نحا أبو الفضل أيضاً.

إلاَّ انَّ أبا حيَّان ردَّ ما قالاه: بأنهم نصُّوا على أن الواو الموضوعة على الإدغام وجاء ما قبها مكسوراً، فلا تقلب الواو الأولى ياء لأجل الكسرة، قال: ومثلوا بنفس " إوَّاب " مصدر: " أوَّبَ " مشدداً، وبـ " اخرواط " ، مصدر " اخروَّطَ " قال: وأما تشبيه الزمخشري بـ " ديوان " ، فليس بجيد؛ لأنهم لم ينطقوا بها الوضع مدغمة، ولم يقولوا: " دوان " ، ولولا الجمع على: " دواوين " لم يعلم أن أصل هذه الياء واو، وقد نصوا على شذوذ: " ديوان " ، فلا يقاس عليه غيره.

السابقالتالي
2