الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } * { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } * { صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ }

قوله: { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا } ، قرأ أبو عمرو: بالغيبة.

والباقون: بالخطاب ويؤيده قراءة أبيٍّ: " أنْتُمْ تُؤْثِرُون ".

وعلى الأول معناه: بل تؤثرون أيها المسلمون الاستكثار من الدنيا على الاستكثار من الثواب.

وعن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أنَّه قرأ هذه الآية، فقال: أتدرون لم آثرنا الحياة الدنيا على الآخرة؟ قال: لأن الدنيا حضرت وعجلت لنا طيباتها وطعامها وشرابها ولذاتها وبهجتها، والأخرى: غيبت عنا فأخذنا العاجل، وتركنا الآجل.

قوله: { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } ، أي: والدَّار الآخرة خير، أي: أفضل وأبقى أي: أدوم.

قوله: { إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ }.

قرأ أبو عمر، في رواية الأعمش وهارون: بسكون الحاء في الحرفين، واختلفوا في المشار إليه بهذا.

فقيل: جميع السورة، وهو رواية عكرمة عن ابن عباس.

وقال الضحاكُ: إن هذا القرآن " لفي الصحف الأولى " أي: الكتب الأولى.

{ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ } يعني: الكتب المنزلة عليهما، ولم يرد أن هذه الألفاظ بعينها في تلك الصحف، وإنما معناه: أن معنى هذا الكلام في تلك الصحف.

وقال قتادة وابن زيد: المشار إليه هو قوله تعالى: { وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } وقال: تتابعت كتب الله تعالى - كما تسمعون - أن الآخرة خير وأبقى وقال الحسن: إن هذا لفي الصحف الأولى يعني من قوله تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } إلى آخر السورة؛ لماروى أبو ذر - رضي الله عنه - قال: " قلت: يا رسول الله هل في أيدينا شيء مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟ قال صلى الله عليه وسلم: " نعم " " ، ثم قرأ أبو ذر: { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } إلى آخر السورة.

وروى أبو ذرٍّ - رضي الله عنه - " أنَّه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كم أنزل من كتاب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مائة وأربعُ كتبٍ: على آدم عشرةُ صحفٍ، وعلى شيثٍ خمسُونَ صحيفةً، وعَلى إدْريسَ ثلاثُونَ صَحيفَةً، وعلى إبْراهِيمَ عشرةُ صَحائفَ، والتَّوراة والإنجيلُ والزَّبورُ والفُرقانُ " ".

قوله: " إبراهيم " قرأ العامة بالألف بعد الراء، وبالياء بعد الهاء.

وأبو رجاء: بحذفهما والهاء مفتوحة، أو مكسورة، فعنه قراءتان.

وأبو موسى وابن الزبير: " إبراهام " - بألفين - وكذا في كل القرآن.

ومالك بن دينار: بألف بعد الراء فقط، والهاء مفتوحة.

وعبد الرحمن بن أبي بكرة: " إبْرَهِمَ " بحذف الألف وكسر الهاء وقد تقدم الكلام على هذا الاسم ولغاته مستوفى في سورة " البقرة " ولله الحمد على كل حال.

وقال ابن خالويه: وقد جاء " إبْراهُم " يعني بألف وضم الهاء.

وروى الثعلبي عن أبيّ - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قَرَأ سُورةَ الأعْلَى أعطاهُ اللهُ تعالَى من الأجْرِ عَشْرَ حسناتٍ، عدد كُلِّ حرفٍ أنزله اللهُ على إبْراهيمَ ومُوسَى ومحمدٍ، صلواتُ الله عليْهِم أجْمعِينَ ".