الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ } * { وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ } * { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } * { قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ } * { ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلْوَقُودِ } * { إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ } * { وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ } * { وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } * { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }

قوله تعالى: { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ }. هذا قسم أقسم الله تعالى به، وفي البروج أقوال:

قيل: والسَّماء ذات النجوم. قاله الحسنُ ومجاهدٌ وقتادةُ والضحاكُ. وقال ابنُ عباسٍ وعكرمةُ ومجاهدٌ: هي قصور في السماء.

وقال مجاهد أيضاً: هي البروج الاثنا عشر، وهو قول أبي عبيدة ويحيى بن سلام.

وقيل: هي منازل القمر.

قوله: { وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ }: وهو يوم القيامة، وهذا قسم آخر، قال ابن عباس - رضي الله عنه -: وعد أهل السماء وأهل الأرض أن يجتمعوا فيه.

قال القفال: يحتمل أن يكون المراد: اليوم الموعود لانشقاق السماء وبنائها، وبطلان بروجها، وقوله تعالى: " الموعود " أي: الموعود به.

وقال مكيٌّ: " الموعود ": نعت لليوم، وثمَّ ضمير محذوف به تتم الصفة، تقديره: الموعود به، ولولا ذلك ما صحَّت الصفة؛ إذ لا ضمير يعود على الموصوف من صفته. انتهى.

وكأنه يعني أن اليوم موعود به غيره من الناس، فلا بُدَّ من ضمير يرجع إليه؛ لأنه موعود به، وهذا لا يحتاج إليه، إذ يجوز أن يكون قد تجوز بأن اليوم قد وعد بكذا، فيصح ذلك، ويكون فيه ضمير عائدٌ عليه.

قوله: { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ }. قال علي، وابنُ عباسٍ، وابن عمر، وأبو هريرة -رضي الله عنهم -: الشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة، وهو قول الحسن، ورواه أبو هريرة مرفوعاً -عن النبي صلى الله عليه وسلم: " المَوعُودُ: يومُ القيامة، واليَوْمُ المشهودُ: يَوْمَ عَرفةَ، والشَّاهِدُ: يَوْمَ الجُمعةِ " خرَّجه الترمذي في " جامعه ".

قال القشيري: فيوم الجمعة يشهد على عامله بما يعمل فيه.

قال القرطبيُّ: وكذلك سائر الأيام والليالي، لما روى أبو نعيم الحافظ عن معاوية ابن قرة، عن معقل بن يسارٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لَيْسَ مِنْ يوْمٍ يَأتِي عَلى العَبْدِ إلا يُنَادي فيه: يا ابْنَ آدمَ أنا خَلقٌ جدِيدٌ، وأنَا فيمَا تَعْمَلُ علَيْكَ شَهِيدٌ، فاعْمَلْ فيَّ خيراً أشْهَد لَكَ فيهِ غداً، فإنِّي لوْ قَدْ مَضيْتُ لَمْ تَرَنِي أبَداً، ويقُول اللَّيْلُ مِثْلَ ذلِكَ " حديث غريب.

وحكى القشيريُّ عن ابن عمر وابن الزُّبيرِ: أن الشاهد يوم الأضحى.

وقال سعيد بن المسيب الشاهد يوم التروية، والمشهود: يوم عرفة.

[وروي عن علي - رضي الله عنه -: الشاهد يوم عرفة، والمشهود يوم النحر] وعن ابن عباس والحسين بن علي - رضي الله عنهم -: المشهود: يوم القيامة، لقوله تعالى:ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } [هود: 103] وعلى هذا فقيل: الشاهد هو الله تعالى، وهو مروي عن ابن عباسٍ، والحسن، وسعيد بن جبير لقوله تعالى:وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } [النساء: 79] وقوله تعالى:قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ ٱللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ }

السابقالتالي
2 3 4 5 6