الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } * { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } * { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ } * { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ } * { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ }

قوله تعالى: { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } كقوله تعالى:إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } [التكوير: 1] في إضمار الفعل وعدمه، وفي " إذا " هذه احتمالات:

أحدها: أن تكون شرطية.

والثاني: أن تكون غير شرطية.

فعلى الأول في جوابها خمسة أوجه:

أحدها: أنها { َأَذِنَتْ } [الانشقاق: 2، 5] والواو مزيدة.

قال ابن الأنباري: وهذا غلط؛ لأن العرب لا تقتحم الواو إلا مع " حتى إذا " كقوله تعالى:حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } [الزمر: 73]، أو مع " لمَّا " كقوله تعالى:فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ } [الصافات: 103، 104]، أي: ناديناه، والواو لا تقحم مع غير هذين.

الثاني: أنه " فمُلاقيهِ " أي فأنت ملاقيه وإليه ذهب الأخفش.

والثالث: أنّه " يا أيُّها الإنسانُ " أيضاً، ولكن على إضمار القول: أي: يقال: " يا أيُّهَا الإنسَانُ ".

والخامس: أنَّه مقدَّرٌ، تقديره: بعثتم.

وقيل: تقديره: لاقى كل إنسان كدحه وهو قوله: " فمُلاقِيهِ " ويكون قوله: " يا أيُّهَا الإنسَانُ " معترض، كقولك: إذا كان كذا وكذا - يا أيها الإنسان - ترى عند ذلك ما عملت من خير أو شر.

ونقل القرطبي عن المبردِ، إنَّه قال: فيه تقديمٌ وتأخير، أي: يا أيُّها الإنسان إنَّك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه إذا السماء انشقت.

وقيل: هو ما صرَّح به في سورتي " التَّكوير " و " الانفطار " ، وهو قوله تعالى:عَلِمَتْ نَفْسٌ } [الانفطار: 5]، قاله الزمخشري، وهو حسنٌ.

ونقل ابن الخطيب عن الكسائيِّ، أنه قال: إنَّ الجواب هو قوله:فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ } [الانشقاق: 7]، واعترض في الكلام على قوله:يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً } [الانشقاق: 6].

والمعنى: إذا انشقت السماء وكان كذا وكذا, فمن أوتي كتابه بيمنه, فهو كذا ومن أوتي كتابه وراء ظهره, فهو كذا, ونظيره قوله تعالى:فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ } [البقرة: 38].

قال النحاسُ: وهذا أصحُّ ما قيل فيه وأحسنه.

وعلى الاحتمال الثاني: فيه وجهان:

أحدهما: أنَّها منصوبة مفعولاً بها بإضمار " واذْكُرْ ".

والثاني: أنها مبتدأ، وخبرها " إذَا " الثانية، و " الواو " مزيدة، تقديره: وقت انشقاق السماء وقت مدّ الأرض، أي: يقع الأمران في وقت. قاله الأخفش أيضاً.

والعامل فيها إذا كانت ظرفاً - عند الجمهور - جوابها، إمَّا الملفوظ به، وإمَّا المقدَّر.

وقال مكيٌّ: وقيل: العامل " انشقت ".

وقال ابن عطية: قال بعض النحاة: العامل " انشقت " وأبي ذلك كثير من أئمتهم؛ لأن " إذا " مضافة إلى " انشقت " ، ومن يجيز ذلك تضعف عنده الإضافة، ويقوى معنى الجزاء.

وقرأ العامة: " انشقتْ " بتاء التأنيث ساكنة، وكذلك ما بعده.

السابقالتالي
2 3