الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ } * { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } * { يَشْهَدُهُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } * { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } * { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ } * { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } * { يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ } * { خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَافِسُونَ } * { وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ } * { عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا ٱلْمُقَرَّبُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ } * { وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ } * { وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ } * { وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ } * { وَمَآ أُرْسِلُواْ عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ } * { فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ } * { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ } * { هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ }

قوله تعالى: { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلأَبْرَارِ }: لمَّا ذكر تعالى حال الكفار والمطففين أتبعه بذكر الأبرار الذين لا يطففون، فقال: " كلاَّ " أي: ليس الأمر كما توهمه أولئك الفجَّار من إنكار البعث، ومن أنَّ كتاب الله أساطير الأولين، بل كتابهم في سجِّين، وكتابُ الأبرارِ في علِّيِّين.

وقال مقاتلٌ: " كلاَّ " أي: لا يؤمن بالعذاب الذي يصلاه.

قوله: { لَفِي عِلِّيِّينَ }. هو خبر " إنَّ ".

وقال ابن عطيَّة هنا كما قال هناك، ويرد عليه بما تقدم، و " علِّيُّون ": جمع " عِلِّيِّ " ، أو هو اسم مكان في أعْلَى الجنة، وجرى مجرى جمع العقلاء، فرفع الواو، ونصب وجر بالياء، مع فوات شرط العقل.

وقال أبو البقاء: واحدها " عليّ " وهو الملك.

وقيل: هو صيغة للجمع مثل عشرين، ثم ذكر نحواً مما ذكره في " سِجِّين " من الحذف المتقدم.

وقال الزمخشري: " عِلِّيُّون " علم لديوان الخير الذي دوِّن فيه كلُّ ما عملته الملائكة وصلحاء الثقلين منقول من جمع " عليّ " " فعيل " من العلو كـ " سجين " من السجن، سمي بذلك؛ إمَّا لأنَّه سبب الارتفاع إلى أعلى الدرجات في الجنة، وإما لأنَّه مرفوع في السماء السابعة.

وتلك الأقوال الماضية في " سجِّين " كلُّها عائدة هنا.

وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنَّها السماء السابعة.

وقال مقاتلٌ وقتادةُ: هي سدرةُ المنتهى.

وقال الفراء: يعني: ارتفاعها بعد ارتفاع لا غاية له.

وقال الزجاجُ: أعْلَى الأمْكِنَةِ.

وقال آخرون: هي مراتب عالية محفوفة بالجلالة.

وقال آخرون: عند كتاب أعمال الملائكة، لقوله تعالى: { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ } وذلك تنبيه على أنَّه معلوم، وأنه سيعرفه، ثم قال تعالى: { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ يَشْهَدُهُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } فبين أن كتابهم في هذا الكتاب بالمرقوم الذي يشهده المقربون من الملائكة، فكأنَّه - تعالى - كما وكلَّهم باللوح المحفوظ، فكذلك وكلَّهُم بحفظ كُتبِ الأبرار في جملة ذلك الكتاب الذي هو أم الكتاب على وجه الإعظام له، ولا يمنع أن الحفظة إذا صعدت تكتب الأبرار بأنهم يسلمونها إلى هؤلاء المقربين، فيحفظونها كما يحفظون كتب أنفسهم، أو ينقلون ما في تلك الصحائف إلى ذلك الكتاب الذي وُكِّلوا بحفظه، ويصير علمهم شهادة لهؤلاء الأبرار، فلذلك يحاسبون حساباً يسيراً.

وقيل: المعنى: ارتفاع بعد ارتفاع.

وقال أبو مسلم: هذا كناية عن العلو والرفعة، والأول كناية عن الذُّلِّ والإهانةِ.

وقال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: " عِلِّيُّون ": لوحٌ من زبرجدة خضراء معلَّق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيه.

قال كعب وقتادة: هي قائمة العرش اليمنى.

وقال ابن عباس: هو الجنة.

السابقالتالي
2 3 4 5